Print this page
30
آب/أغسطس

القانون الجديد للصحافة والنشر بالمغرب.. يلجم عمل الصحفيين

حالة من التخوف الشديد، تلك التي يعيشها الصحفيون المغاربة في الأونة الأخيرة، وذلك بعد مصادقة البرلمان الوطني بالمملكة على قانون جديد ينظم مهنة المتاعب ويؤطر العاملين بها وفق ضوابط وأحكام جديدة إعتبرها البعض مكسبا لهم فيما نظر إليها البعض الأخر كتراجع ملحوظ على مستوى حرية التعبير والإبداع.

"صحيح أن أغلب العقوبات الحبسية التي كانت في القانون القديم تمت إزالتها وتعويضها بغرامات مالية وعقوبات تأديبية، إلا أن هذا لم يساهم في الرفع من الحرية الممنوحة للصحفيين، بل بالعكس فإن هذا تسبب في تضييق الخناق عليهم وإثقال كاهلهم بعقوبات كثيرة عن مجموعة من الأشياء التي لم تكن موجودة في السابق"، يقول محمد أربط.

وأضاف أربط، الصحفي بإحدى المنابر الإعلامية المحلية بجهة الشمال، أن عددا كبيرا من الأشياء لم يكن يعاقب عليها القانون القديم، والتي نجدها موجودة في نظيره الحالي، ويتعلق الأمر بكل من الإشهار للمنتوجات التبغية على سبيل المثال حيث أن أي خطأ بسيط كنشر صورة لشخص مدخن وإدراجها داخل موضوع يعتبر بمثابة خرق للقانون يتابع بموجبه الصحفي ويتم بموجبها توقيع غرامة مالية مهمة عليه، هذا بالإضافة إلى أشياء أخرى تجعل ممارس المهنة خاضعا لعدة قيود تحرمه من ممارسة عمله بسلاسة.

وأوضح الصحفي ذاته، في تصريح لموقع "أصوات الكثبان"، أن القانون ورغم أنه حذف جميع العقوبات السالبة للحريات في جرائم الصحافة، غير أنه لم يحصن الصحافي من تلك العقوبات بشكل كامل حيث أن القانون المذكور لم ينص على أنه القانون الوحيد الذي تحاكم به جرائم الصحافة، إذ لا شيء يمنع من تطبيق القانون الجنائي أو قانون الارهاب على ضحايا جرائم الصحافة ، وهو الأمر الذي يتناقض مع المضمون الأساسي والجوهري لقانون الصحافة وهو عدم تعريض الإعلاميين لأي عقوبة سالبة للحرية كيفما كانت مدتها.

من جهته، دافع المحلل الصحفي حسن بوخف عن القانون، حيث أكد أنه جعل قرار إغلاق المؤسسات الاعلامية أو رواج المطبوعات بيد القضاء اضافة الى تسقيف الغرامات المالية في 500 ألف درهم باستثناء حالات العود، حماية المهنة من غير المهنيين باشتراط التوفر على صفة الصحافي المهني في تولي منصب مدير النشر، منع وقف الصحافي أو اعتقاله احتياطيا، حماية الصحافة الالكترونية من مسؤولية جرائم الاختراق والقرصنة وتجريم استنساخ المواد، وحماية حقوق الطفل والمرأة من انتهاكات الصحافة، وتجريم نشر الإباحية والتحريض على الدعارة و إشهار التبغ، بالإضافة إلى حماية الحياة الخاصة و الحق في الصورة من الانتهاكات الصحافية.

وأضاف بوخف أن في هذا القانون أيضا يمكن اعتبار الصحافي شريكا في الجريمة التي تتضمنها المادة الاعلامية التي أعدها، وهو من شأنه حمل الصحافيين على المزيد من الحزم والدقة والمسؤولية في عملهم، وبالتالي تجويد الأعمال المقدمة للقراء وإغنائها بمعلومات يكون الإعلامي متأكدا منها بشكل قاطع.

أما وزير الإتصال والناطق الرسمي بإسم الحكومة، مصطفى الخلفي، فقد أشاد بالقانون الجديد للصحافة والنشر في المغرب، واعتبره ثمرة مسلسل متراكم من الإصلاحات الشاملة والمتكاملة، مبرزا أن هذا القانون جاء نتاج مشاركة جميع الأطراف التي أبدت رأيها في محاوره.

وبخصوص مميزات قانون الصحافة الجديد، أوضح الوزير المغربي أنه يتسم بالانفتاح، كما أنه يستفيد من عصارة تجارب بلدان أخرى قطعت أشواطاً هامة على درب حرية الصحافة والإعلام، قبل أن يؤكد أن مشروع القانون الجديد يضمن حق المواطن في الولوج إلى المعلومة، ويعزز حرية التعبير.

يونس مجاهد، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أكد أن القانون الجديد رغم ما يحمله من مستجدات ونصوص تروم تطوير القطاع، وتذليل العقبات التي كانت تعتري العمل الصحافي، لكنه يحمل تفاصيل تسيء إلى الديمقراطية المنشودة، وتعرقل حرية الصحافة بالمملكة، وذلك خلال تصريح سابق له لإحدى المنابر الدولية.

وبدورها أبدت الفدرالية المغربية لناشري الصحف رفضها القاطع لما سمته "التراجعات التي جاءت في مشروع مدونة الصحافة"، مشيرة إلى "السحب النهائي لبطاقة الصحافة، والمنع من مزاولة المهنة لمدة تصل إلى 10 سنوات، والمنع من الحقوق المدنية والسياسية وحتى العائلية، وإمكانية منع الصحف قبل بداية محاكمتها"

وبين من يعتبر القانون الجديد مكسبا يجب المحافظة عليه ومن يراه عبأ من الواجب التخلص منه، يبقى هذا الأخير واقعا على الصحفيين المغاربة التعامل معه بكل الحذر الواجب في إنتظار إصلاحات جديدة قد تأتي بها الحكومة القادمة المرتقب إنتخابها نهاية السنة الجارية.