Print this page
22
آب/أغسطس

العطلة.. ليست للجميع !

إن تطلق وزارة الشباب والرياضة المغربية برنامج "العطلة للجميع " كل سنة، لتكون المخيمات الصيفية في متناول كل الأطفال، فإنّ الفئة موضوع مقالنا غير قادرة على الاستجابة لهذا النداء باعتبارها مضطرّة على الاشتغال ولا تجد متّسعا من الوقت لقصد هذه المنتجعات الجبلية أو الشاطئية.

هم أطفال حرمهم العوز و ضيق ذات اليد من لذة خوض غمار الاستمتاع بالعطل في مكان خارج المدينة الأم، فخاضوا تجربة العمل في سن مبكر.

"رضى" طفل يبلغ من العمر 13 سنة، ينحدر من مدينة 'العيون'، دفع العربة التي تحمل أغراضنا بكثير من الحماس و الصبر والتحدي الذي تحمله عيناه الصغيرتان، صامت هادئ الملامح، سألناه عن سبب اشتغاله بالسوق الشعبي للمدينة المشهور "بالرحيبة" في هذه السن المبكرة، فرد بجملة مقتضبة و ملامح جامدة .. " توفي أبي و علي أن أعيل الأسرة، فأنا الأكبر !". ابتلعنا قسوة الجواب و مرارته الواضحة في صرامة الطفل الصغير، و انتقلنا إلى طفلين آخرين نبحث معهما حيثيات الموقف، بعد أن رفض "رضى" أن نلتقط له صورة، أو نطيل الحديث قليلا !

عكس "رضى"، أبدى الطفلان "مروان" و "أيوب" الكثير من التجاوب و الرغبة في الظهور بالكاميرا للحديث عن تجربتيهما. الأول يبلغ 13 من عمره، و الثاني في 12، يشتغلان بفترة العطلة الصيفية لتوفير مصاريف الدخول المدرسي ومساعدة الأهل في احتياجات الحياة، حيث يفترشان مكانا ضيقا بالسوق الشعبي "بالعيون"، لبيع الملح... يدرس "مروان" بالسنة الأولى إعدادي، وهي مرحلة توجه واختيار للمسار العلمي الذي سيسلكه الطفل، لذا تحتاج الكثير من الانتباه والتركيز، حيث ستعتمد مسطرة التوجيه التربوية، على معدلاته المحصلة في تلك السنة و السنتين اللتين تليانها، فيتم توجيهه إما للمسلك العلمي أو الاقتصادي، أو الأدبي و هو الأسوأ أفقا بالمغرب. أما "أيوب" فهو يدرس بالسنة التي قبلها، و هي السنة السادسة و الأخيرة من المرحلة الابتدائية... من بين الأشياء التي قرر الطفل الصغير "مروان" أن يشتريها بالنقود البسيطة التي يجنيانها من بيع علب الملح، هي كبش العيد، وهو قرار يفوق عمره الصغير و مكاسبه الضئيلة، لكنه يتناسب و طموحه المتقد، الذي تعبر عنه ابتسامته الدائمة على شفتيه..

وفي هذا الإطار، نشرت المندوبية السامية للتخطيط، سنة 2009، إحصائيات تشير فيها إلى أن عدد الأطفال المشتغلين، المتراوحة أعمارهم بين 7 وأقل من 18 سنة، بلغ نسبة 3 في المائة من مجموع الأطفال الذين ينتمون إلى هذه الفئة العمرية.. حيث وصل عدد المشتغلين بالوسط الحضري ما يمثل 19 ألف طفل، وفي الوسط القروي ناهز الـ151 ألف طفل.

و قد ربط موقع "صوت الكثبان" الإتصال بالسيد "محمد كباش" المدير الإقليمي لوزارة الشباب و الرياضة بإقليم آسا الزاك، حيث أجاب عن تساؤلاتنا حول التدابير التي تتخذها الوزارة المعنية لمساعدة هؤلاء الأطفال و ذويهم في كل موسم دراسي، بما يلي: " لا اتفق مع هذه الظاهرة التي صارت تتكاثر بشكل كبير خصوصا مع تنامي الحاجيات الأساسية للدراسة وتزايد متطلبات التكوين والتحصيل الدراسي بالمؤسسات الخاصة التي صارت تلزم الآباء بمجموعة من المصاريف والكتب... أما بالنسبة للدولة فهي تحاول جاهدة توفير التعليم و التخييم للجميع وبشروط في متناول كل الشرائح الاجتماعية والاقتصادية، لكن متطلبات الحياة المتزايدة من توفير لمستلزمات أخرى للأطفال من ملبس وتسديد لمصاريف حصص الدعم وتغطية لمصاريف الدراسة التي صارت تكلف الأسر الشيء الكثير، خاصة الطبقة الشعبية، نجد بأن الأطفال أصبحوا مجبرين على العمل خصوصا في فصل الصيف لتسديد هذه الحاجيات المتزايدة، وبالتالي فإننا نقدم كل الدعم والسند والمساعدة للأطفال للولوج إلى المخيمات الصيفية والاستفادة من خدماتها، ونسج كل ما من شأنه أن يضمن حقهم في المتعة، خاصة أنهم لازالو في سن الطفولة والبراءة."

يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت في عام 1989 اتفاقية حقوق الطفل التي عرَّفت الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، وأكدت على ضرورة السعي لحمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطرا، أو يمثل إعاقة لتعليمه أو ضررا بصحته أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي. كما يشار إلى أن لجنة القطاعات الاجتماعية لمجلس النواب المغربي صادقت في الأشهر الأخيرة على مشروع قانون خاص بعمال وعاملات المنازل تقدمت به الحكومة، ينّص على إمكانية العمل ابتداءً من 16 سنة من العمر، مع ضرورة الحصول على رخصة من الأسر في حال كان العامل أو العاملة ما بين 16 و18 عامًا، في وقت واجه فيه المشروع انتقادات شديدة من المعارضة.

Media

{YouTube}https://www.youtube.com/watch?v=sK7dMT3SvIo&feature=youtu.be{/YouTube}