Print this page
11
كانون2/يناير

المغرب يمنع صناعة "البرقع" وتسويقه

فاجأت السلطات المحلية التابعة لوزارة الداخلية بالمغرب، الاثنين 09 يناير/ كانون الثاني 2017، ممارسي مهنة الخياطة بعدد من المدن بقرار منع صناعة لباس البرقع (لباس إسلامي يغطي الوجه كاملا ما عدا العيون) وتسويقه.

 

ووفق وثيقة تداولتها مصادر إعلامية محلية، واطلع مراسل "أصوات الكثبان" على نسخة منها، دعا الباشا خليد بلمودن، (رئيس دائرة ترابية محلية) بمدينة تارودانت (جنوب المغرب) صاحب أحد المحلات للخياطة عبر إشعار كتابي إلى التخلص من كل ما يملك من لباس البرقع، خلال 48 ساعة من تسلم الإشعار، مهددا إياه بالحجز المباشر بعد انصرام الأجل المحدد، مع الامتناع الكلي عن انتاجه وتسويقه مستقبلا.

 

 

وذكر عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن القرار يشمل مدنا أخرى، منها الدار البيضاء وطنجة وتطوان ومرتيل وسلا ومكناس وكلميم، في حين أن السلطات المحلية لم تكشف عن أسباب هذا القرار.

 

ولا يوجد قانون بالمغرب يحدد نوع اللباس، الذي ينبغي أن ترتديه المرأة، لكن الفصل التاسع من دستور 2011، ينص على أنه يضمن لجميع المواطنين "حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع (..) ولا يمكن أن يوضع حد لممارسة هذه الحريات إلا بمقتضى القانون".

 

انتهاك للقانون

 

مرصد الشمال لحقوق الإنسان (منظمة غير حكومية)، استنكر قرار السلطات المحلية القاضي بمنع انتاج البرقع وتسويقه بالمغرب معتبرا إياه "قرارا تعسفيا وانتهاكا غير مباشر لحق النساء في حرية التعبير، لأن ارتداء اللباس يعد تعبيراً عن هويتهن أو معتقداتهن الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية".

 

وذكر المرصد في بيان له، توصل "أصوات الكثبان" بنسخة منه، أن القرار المذكور يتناقض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب لاسيما المادة “12” من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أنه "لا يتعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذه التدخلات أو تلك".

 

 

كما يتناقض مع المادتين "17" و"18" من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بحيث أن الأولى تنص على أنه "لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي في الخصوصيات أو الأسرة أو البيت"، أما الثانية فتنص على "حق الإنسان في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حرية الدين والاعتناق وحريته في أن يظهرهما".

 

ضرب التنوع

 

البيان أشار كذلك، إلى أن "قرار منع لباس البرقع من طرف مصالح وزارة الداخلية، يأتي في إطار عمل ممنهج يقضي بتنميط المجتمع المغربي، وفق نمط معين (..) عبر ضرب التنوع الثقافي والاجتماعي الممتد في التاريخ. كما يأتي في ظل سياسة متواصلة للتضييق على الحريات وفرض الرأي الواحد".

 

وأكد مرصد الشمال لحقوق الإنسان في بيانه، "عدم قانونية منع البرقع"، موضحا أن هذا القرار "لم يستند على نص قانوني، مع العلم بأن المنع لا يكون إلا بقانون ، وهو الأمر المخول للسلطات التشريعية وليس للسلطات التنفيذية".

 

"حيف وتفرقة"

 

من جهته قال الشيخ السلفي، حسن الكتاني، "من زعم أن لباس الصالحات (النساء) لباس دخيل، فليوحِّد لباس جميع المغربيات، وليرجعهن جميعا للباس التقليدي القديم، ثم بعد ذلك يمكن أن يكون لكلامه منطق مفهوم".

 

وأضاف الكتاني، في صفحته الرسمية على موقع "الفايسبوك"، أن تَرْك النساء يلبسن آخر الصيحات الأوروبية ومنعهن من لبس آخر الصيحات المشرقية، فيه "تحجير على طائفة كبيرة من المغاربة، ويعد تفرقة عنصرية مقيتة ﻻ يؤيدها دين وﻻ منطق"

 

و اعتبر محمد الهيلالي، القيادي في حركة التوحيد و الإصلاح، (حركة إسلامية)، قرار وزارة الداخلية، الذي يقضي بمنع وتسويق وإنتاج البرقع، "انتهاكا للثوابت الجامعة للبلاد التي من ضمنها الاختيار الديمقراطي، ويعد اعتداء صارخا على الحريات الفردية، والحريات الأساسية التي ينص عليها الدستور".

 

وفي الوقت الذي يدافع البعض عن اللباس الشرعي بشتى أنواعه (الحجاب والبرقع) ويتمسك به، يرى آخرون أنه يُستغل من طرف مجرمين لتنفيذ أعمال إجرامية.

 

القاضي، محمد الهيني قال إن "منع البرقع قرار إداري سليم لحماية النظام العام في جانبه المتعلق بالأمن العام"، معتبرا أن هذا اللباس ليس له صلة ببلدنا، وإنما هو "لباس افغاني (نسبة إلى بلد أفغانستان)، لا يمت بصلة للخصوصية المغربية".

 

وأشار الهيني، إلى أن البرقع "يكتسي تطرفا واضحا في المظهر واللباس (..) لأنه لا يجعلنا نميز بين النساء والرجال لإخفائه جميع ملامح الوجه، وقد يستغل لارتكاب جرائم عادية او إرهابية للتخفي عن انظار الكاميرات في الشوارع أو المحلات".

 

من جانبه، علق الناشط عبد العزيز العبدي، قائلاً: "لا شأن لي بلباس الأخريات، لست ضد الحجاب ولا النقاب ولا اللباس القصير، لكنني ضد الهويات المجهولة، وهي تتجول في نفس الفضاءات العمومية التي أقتسمها مع الآخرين، البرقع حاوٍ لهوية مجهولة، قد لا تكون بالضرورة امرأة".