Print this page
13
كانون2/يناير

"إلغاء مجانية التعليم بالمغرب" بين مخاوف الفقراء وتطمينات الحكومة

"إلغاء مجانية التعليم، قرار هيكلي يمس مستقبل أجيال كاملة ويهدد مصير فئة عريضة من المجتمع المغربي"، هكذا عبر الطالب الجامعي مصطفى شاكري عن رفضه لتوصية المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي (هيئة استشارية حكومية)، التي نصت على مساهمة الأسر في تمويل تعليم أبنائها بالقطاع العمومي في المستويين الثانوي والجامعي.

 

 

شاكري الذي يدرس في السنة الثالثة قسم عربي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال ويقطن بالحي الجامعي بالرباط، يعد أول جيل يتلقى التعليم الجامعي من عائلته، حسبما يقول.

 

وأكد شاكري، في تصريحات لأصوات الكثبان أن تنفيذ قرار "إلغاء مجانية التعليم" سيؤثر عليه سلبيا قائلا "نعم أنا سأتضرر لأن عائلتي فقيرة وأدرس لكي أعيلهم بعد التخرج، كما أتوقع أن يؤدي القرار إلى ارتفاع نسب الهدر المدرسي أيضا".

 

 

"مجرد توقعات"

 

وقد نفى عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، خالد الصمدي، في تصريحات لبرنامج "مواطن اليوم" على قناة "ميدي 1 تيفي الخاصة" إلغاء مجانية التعليم، مشيرا إلى أن هذا المصطلح لم يرد في أية وثيقة رسمية.

 

وأكد الصمدي أن رأي المجلس الأعلى للتربية والتعليم والبحث العلمي لم يصدر بعد، كما أن مشروع الرأي الذي أثير حوله الجدل لم يصدر أيضا، معتبرا أن كل ما يروج في وسائل الإعلام، مجرد توقعات.

 

وحتى وإن صدر قرار المجلس الأعلى، فهو مجرد رأي استشاري يجب عرضه على الحكومة وإعداد مشروع قانون لعرضه على البرلمان بغرفتيه، بحسب الصمدي.

 

ويقول الطالب مصطفى شاكري إن قرار المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي "أملاه علينا صندوق النقد الدولي بسبب كثرة الديون، التي لها صلة باختلال تدبير الشأن الحكومي منذ الاستقلال".

 

 

وطالب شاكري، المتحمس للعمل في المجال الصحفي إلى أنه "كان على المجلس الأعلى للتعليم أن ينجز دراسات علمية قبل اتخاذ هذا القرار الاستراتيجي، مشيرا إلى أن "إلغاء مجانية التعليم في الدول الغربية يوازيه ارتفاع الدخل الفردي وتوفير الدولة لتعليم راقٍ جدا، بخلاف المغرب الذي يصل فيه الدخل إلى 10 دراهم للفرد (أقل من 1 يورو) ناهيك عن وضعية التعليم التي وصلت إلى الحضيض".

 

وكان المجلس الأعلى للتربية والتكوين قد أصدر بيانا توضيحيا، اطلع مراسل "أصوات الكثبان" على نسخة منه، عقب الجدل المثار حول إحداث رسوم التسجيل في التعليم ما بعد الإلزامي، أكد فيه أن "الإعفاء الآلي للأسر المعوزة من أداء هذه الرسوم، وتدقيق معايير وشروط إحداثها، إلى جانب اعتماد التدرج في الإقرار والتطبيق، بموازاة مع التقدم في تفعيل مقتضيات الإصلاح، ولاسيما ما يهم الارتقاء بجودة التربية والتكوين".

 

 

ويعتزم المجلس، بحسب البيان، إنجاز دراسة "حول مقدرة الأسر على المساهمة، تتوخى تحديد الإعفاءات، وسقف رسوم التسجيل، إعمالا لمبدأ التضامن والتكافؤ، مع تضمين نتائج هذه الدراسة وآليات تنفيذها في نص قانوني".

 

ولم يحدد المجلس تفاصيل تكلفة الرسوم التي سيتم فرضها على المستويين الثانوي والجامعي، كما لم يحدد كذلك الفترة الزمنية لرفع مشروع الرأي إلى البرلمان.

 

"خطر أحمر"

 

وقد اعتبرت نقابات مغربية، ومنها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والنقابة الوطنية للتعليم العالي، والجامعة الوطنية للتعليم والتوجه الديمقراطي، والجامعة الحرة للتعليم، والنقابة الوطنية للتعليم التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل)، أن فرض الرسوم سيضر بالطبقة المتوسطة، لأن الأسر القادرة على أدائها لا يدرس أبناؤها في المدارس العمومية وإنما في المدارس الخاصة ذات المصروفات الباهظة.

 

وقال إدريس بازي، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعية آباء وأولياء التلاميذ (نقابة لعائلات التلاميذ)، إن مشروع رأي المجلس الأعلى للتربية والتعليم "يضرب في العمق مجانية التعليم التي تعتبر مبدأ أساسيا منذ استقلال المغرب، وهو بمثابة خط أحمر لا يمكن تجاوزه".

 

وطالب بازي بإشراك الأطراف المعنية في العملية التعليمية كجمعيات الآباء والنقابات في الرأي قبل اتخاذ مثل هذا القرار.

 

 

ولم تفلح التطمينات الحكومية في تهدئة الرأي العام، فقد خرجت نقابات التعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل في مسيرات احتجاجية في شتى أنحاء المغرب في ديسمبر / كانون الأول الماضي للتنديد بهذا القرار الذي وصفته بأنه "يضرب مجانية التعليم بالمغرب، ويجهز على مكتسبات الشغيلة التعليمية".

 

ورفعت نقابات مغربية عدة شعارات تندد بتوجه الدولة لخصحصة التعليم من قبيل: "التعليم ليس للمتاجرة"، "لا لضرب مجانية التعليم.

 

كما أعلن عبد الكبير بلاوشو، أستاذ التعليم العالي بالرباط عن تجميد عضويته داخل المجلس الأعلى للتربية التكوين والبحث العلمي، منتقدا ما وصفه "بالإعلان شبه الرسمي عن إعدام مبدأ المجانية لإتاحة الفرصة لدعاة الافتراس الخصوصي لما تبقى من الجسد العمومي".