Print this page
14
كانون2/يناير

المعادلة الإدارية و العلمية حق لا امتياز

رغم حصولهم على اعتراف من وزير الصحة المغربي الحسين الوردي، بأحقيتهم في المعادلة العلمية والإدارية لشهاداتهم، ما تزال شريحة عريضة من ممرضي وممرضات القطاع الصحي بالمغرب، ترزح تحت وطأة عدم تفعيل قرار "انعتاقهم" وانطلاقهم في الحياة العلمية والعملية، حتى هذه الساعة.

"ابتهال" و "جمال" ممرضان لطالما تمسكا بحلم إتمام دراساتهما العليا بعد الحصول على شهادة التخرج من المعهد المتخصص في الدراسات شبه الطبية، والذي يعادل قضاء ثلاث سنوات من الانتظام في صفوفه، الحصولَ على شهادة الإجازة الجامعية، هذه المعادلة يفترَض أنها تمكّنهم من الولوج مباشرة الى مرحلة الدراسات الجامعية العليا،/ الماستر/إلا أن قرارا حكوميا بتجميد معادلة شهاداتهم مع الإجازة الجماعية، وأد حلمهم في الترقي المعرفي والعملي.


أربع سنوات من الانتظار المحموم

 

بعد توقيع اتفاق 5 يوليو بين النقابات والحكومة، الذي نص في بنوده على إعطاء المعادلة للممرضين و صدور البلاغ الصحفي عن وزارة الصحة بتاريخ 18 فبراير 2016 والذي ورد فيه بالنص: "إن وزارة الصحة تزف خبر إدراج شهادة الدور الثاني للدراسات شبه الطبية ضمن لائحة الشهادات الوطنية التي تمكّن من الولوج إلى تكوينات سلك الدكتوراه وفق مقتضيات قرار وزير التعليم العالي، وتكوين الأطر رقم 1432.16 الصادر في 13 ماي 2016". رغم وضوح البلاغ الحكومي، يقبع حاملو دبلوم الدراسات شبه الطبية اليوم على أعتاب أبواب كتيمة، ليس وراءها من يجيب نداءاتهم الحرّى.

 

 

وتقدَّر نسبة الممرضين في المستشفيات العمومية بممرض واحد لكل 1000 مواطن، ويصنف المغرب من بين 57 دولة تعاني من نقص حاد في الموارد البشرية الصحية، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية.

 

"جمال" شاب في الثلاثينيات من عمره، هو واحد من هؤلاء الممرضين، يخوض الإضراب تلو الآخر، يتنقل بشكل دوري من مدينة فاس إلى العاصمة الرباط وكلما استدعى الأمر ذلك.... لا يبحث جمال سوى عن حل يتيح له ولأقرانه اما مواصلة دراستهم الجامعية او الاقرار بحقهم في معادلة شهاداتهم.

 

هذه الحال من التردّي تسببت لجمال في نكسة صحية ومادية، حيث عوَّل بعد توظيفه على تحسن أوضاعه فبعد استكمال دراساته العليا سيتمكن من صعود السلم الوظيفي وبالتالي تحسين دخله المادي ، وهو ما لم يحدث ليتورط جمال في اقتراض مبلغ كبير في بدايات توظيفه، لم يكن ليتلاءم ودخله الحالي، وهو ما تسبب له في ضغط نفسي جعله مضطرا الى مداومة زيارة الطبيب .....

 

ابتهال ممرضة تحكي المعاناة من منظور زميلاتها

 

معاناة الإقصاء من المعادلة العلمية والإدارية يظهر جليا في وقعه المضاعف على الممرضات... فلكون النساء يشكلن النسبة الأكبر من العاملين في القطاع الصحي، يبقين الأكثر تعرضا للمخاطر التي تواجه العاملين في هذا القطاع ....

 

"ابتهال" شابة في مقتبل العمر.. بدت حزينة وهي تحدثنا عن توقيت العمل الذي لا يميز بين الليل والنهار. تقول: "تترك الأم الممرضة أطفالها، وتعود في ساعات متأخرة من الليل، لم تجن من وراء كل هذه التضحيات، أي شكل من الاعتراف، ولو الرمزي، حول حجم معاناتها". وتتابع: "المعادلة حقنا الذي يمنحنا اعترافا أكاديميا وعلميا على الميدان، وهي بمثابة التعويض المادي والنفسي والاجتماعي المناسب، الذي تصبو إلى تحقيقه "حركة ممرضين وممرضات من أجل المعادلة".

 

 

يمثل قطاع الصحة ضرورة حيوية لا غنى عنها، وركيزة أساسية لبناء إنسان مقتدر ومجتمعات سليمة تتمتع بالصحة والتطور، وليس عسيرا في المقابل على المطلعين ادراك ما تعيشه المستشفيات المغربية في كل المدن والأرياف، من حاجة ماسة إلى مزيد مواكبة الاحتياجات العاجلة والضرورية، ببناء المرافق الملائمة، وتحسين مستوى الأداء والانخراط في سلك العمل الطبي.

 

دون ذلك، يبدو أن سؤالا سيبقى عالقا إلى حين، إزاء النضال الذي قرر خوضه منظمو الإضراب من أجل الحصول على حقهم المشروع في التمكين والتقدم العلمي والعملي: كيف سيقدم كل واحد من هؤلاء الذين سلبت حقوقهم، الخدمة الصحية عالية الجودة لألف مواطن، بما يشمله ذلك من اسعاف وعلاج وعناية متواصلة، بينما هو منخرط في كفاح طويل ويائس، للحصول على الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية في العمل؟

 

منتنة ماء العينين