Print this page
22
أيار

تخوّفات سكان المدن القديمة من الأمطار

تزداد مخاوف سكان المدن القديمة في علاقة بالأمطار مثل التي عرفها الجنوب الشرقي وخلفت أضرارا مادية جسيمة وآثارا بليغة في نفسية المنكوبين. وبهذا الصدد اختلفت ردود أفعال السكان وجمعيات المجتمع المدني والسلطات المحلية.

هلع السكان المتضررين

وفي هذا السياق قالت نعيمة بريشي إحدى المواطنات المتضررات بالمنطقة في اتصال هاتفي "إن السكان المتضررين جراء التساقطات الأخيرة تسودهم حالة من الهلع والخوف بعد عودتهم إلى منازلهم التي يمكن أن تنهار في أية لحظة". وبنبرة صوتية حزينة أضافت المتحدثة "بعد ثلاثة أيام من استمرار التساقطات عانينا من خلالها الأمرين، ولحسن الحظ أننا غادرنا منازلنا قبل أن تسقط الأسقف الجدران علينا".

وفي الوقت نفسه عبرت نعيمة عن شكرها وامتنانها للمحسنين وللجمعيات المحلية التي أسدت للضحايا العديد من الخدمات طيلة أيام معاناتهم.

وأشارت المتحدثة نفسها إلى أن السلطات المحلية عاينت "الحادث الأليم"، كما أن العامل الإقليمي قام بزيارة تفقدية إلى عين المكان وقدم المساعدات للمنكوبين الذين يصل عددهم إلى أزيد من 20 أسرة.

تضرر أزيد من 17 عائلة

من جهته، تحدث لحو أمعنا، أمين عام جمعية تاسورت بألنيف عن دور الجمعية في إيواء المتضررين: "إن الجمعية قامت بنقل سبع عشرة عائلة، وبإيوائها بالمدرسة المحلية في الوقت الذي تتساقط فيه المنازل والجدران" مشيرا إلى أن الجمعية أدت دور الوسيط بين المتضررين والسلطة المحلية في تقديم الدعم المادي. وأضاف الفاعل الجمعوي أن "المنازل المتضررة التي تم إخلاؤها كانت آيلة للسقوط قبل التساقطات فما بالك بما حدث أو يحدث بعدها".

وقال المصدر ذاته إلى أن جمعيتي تاسورت وبوكافر بذلتا جهودا حثيثة من أجل استفادة كل المتضررين من الدعم والتخفيف من معاناتهم.

ترميم المنازل المتضررة

من ناحية أخرى، أكد يوسف بن عمر بأن جمعية بوكافر التي يرأسها هي التي تشرف على مشروع إصلاح المنازل الطينية المتضررة وكذا تبليط الشارع الرئيسي الذي يمتلئ بالوحل كلما تهاطلت الأمطار. وأوضح أن المشروع الذي تم تمويله من قبل شركة الأشغال الكبرى "GTR" انطلقت أشغاله ابتداء من يناير الفائت، مشيرا إلى أن تمويله يقدر بـ 139 ألف درهم.

وأوضح المصدر ذاته إلى أن الجمعية تهدف من خلال هذا المشروع إلى التخفيف من معاناة السكان، إلى جانب حماية الموروث الحضاري للمنطقة وتفادي آثار الفيضانات مستقبلا. وفي السياق ذاته أبرز الفاعل الجمعوي دور وزارة الثقافة التي ينبغي أن تتدخل لحماية هذا الموروث الثقافي والحضاري للمنطقة.

إجراءات السلطات

وقال حدا بايدير رئيس جماعة ألنيف إن الجماعة القروية ساهمت بشراكة مع الخيرية والجمعيات المحلية في نقل المتضررين وإيوائهم بالمدرسة المركزية، كما "وزعت على المتضررين المستحقين بعض المواد الغذائية والأفرشة".

وأشار المصدر ذاته إلى أن "السلطات قامت بإشعار المواطنين وتحذيرهم قبل أن تنهار بعض الجدران والأسقف بفعل الأمطار الغزيرة خاصة الذين شككت السلطات في سهولة انهيارها".

وذكر حدا بايدير"نحن الآن ندرس المعطيات والأوضاع من أجل أن نتخذ الإجراءات اللازمة مستقبلا"، مؤكدا "استعداد الجماعة القروية لدعم المشروع الذي ستشرف عليه جمعية بوكافر بحسب الإمكانيات المتوفرة لدى الجماعة".

أسباب الانهيار

ولتفسير أسباب هذا الانهيار أكد جمال الخناتي الكاتب العام للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين بالرباط أن أسباب انهيار المنازل الطينية القديمة يرتبط بأسباب متعددة يتداخل فيها العام بالخاص.

وأوضح أن الأسباب العامة تتجلى أساسا في الإهمال، وبالوضعية الاجتماعية والاقتصادية للقاطنين الذين تغيب لديهم الإمكانيات المادية في غالب الأحيان، إلى جانب غياب الصيانة، وغياب تدعيم بنيات الإطار المبني لأن الأمر حسب قوله "يتعلق بتراث يعود لعدة قرون، ولا يجب الإبقاء عليه دون العناية الفائقة"، مضيفا أن "كونه تراثا ويهم حياة الناس، فإن ذلك مما يفرض الاهتمام به".

وربط الكاتب العام للهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين الأسباب الخاصة بالحالات التي توجد بالأماكن الهشة، وأردف قائلا" نحن نتتبع هذه الانهيارات في الأماكن العتيقة، مضيفا " ونجد أغلب القاطنين لتلك المنازل يكترون بالإضافة إلى أن أرباب المنازل تنعدم لديهم رغبة إصلاحها مادام أنهم لا يسكنوها".

واعتبر انهيار هذه البنيات العتيقة بكل تجلياتها سواء تعلق الأمر بالقصور أو القصبات يشكل خطورة تفرض إصلاحها.

السجل التاريخي والحضاري للوطن

وفيما يخص الآليات أفاد المصدر ذاته أنه ينبغي أن تكون هناك إرادة سياسية قوية، بل قال إنها ليست كافية لوحدها، مضيفا "ينبغي أن يكون هذا الموضوع من أولى الأولويات وأن تخصص له برامج وطنية، ووكالات وطنية لتتبع حالات هذه الإطارات الحضارية، ما دام الأمر يتعلق بالسجل التاريخي والحضاري للوطن".

وأفاد جمال الخناتي بأن المغرب يمتلك أربعا وثلاثين مدينة عتيقة، أكثر من ست مدن منها مصنفة في التراث الإنساني.

تجدر الإشارة إلى أن دواوير ألنيف ومداشرها المجاورة كأزقور وعمار وتاغوش... قد تأثرت هي الأخرى جراء الفيضانات الأخيرة بسقوط بعض الجدران والأسقف. وعلى الرغم من أنها لم تخلف خسائر في الأرواح، فإن متضررين منها متخوفون بعد العودة إلى منازلهم الآيلة للسقوط.