دخلت الأزمة في ليبيا منعطفاً جديداً بعد عودة المؤتمر الوطني العام إلى الواجهة السياسية وتكليف حكومته، التي يترأسها خليفة الغويل، بمعاودة نشاطها، عقب تمكّنها من الدخول إلى مقراتها السابقة التي كان المجلس الأعلى للدولة يشغلها كوريث للمؤتمر منذ يونيو/حزيران الماضي، مما يعني تشظّي الوضع السياسي في البلاد بوجود ثلاث حكومات. ويخشى مراقبون للوضع في البلاد من عودة الصراع المسلح بشكل عنيف إلى العاصمة طرابلس، التي تتواجد فيها العديد من المجموعات المسلحة مجهولة الانتماء. وكان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج قد أعلن، بعد ساعات من إعلان حكومة الغويل عودتها للعاصمة، عن إصدار قرارات لمباشرة إجراءات القبض على من خطط ونفّذ عملية اقتحام مقر مجلس الدولة ، بينما وصف المجلس الأعلى للدولة العملية بأنها "حلقة في مسلسل محاولات عرقلة الاتفاق السياسي"، معلناً استمراره في القيام بأعماله.
ما انفكّت القبائل اللّيبيّة ساعية في المساعدة على إيجاد حلّ لأزمة الوطن ولم يكْفِها أنّ الأعراف القبليّة تمثّل اليوم القانون في البلد فقد تتالت ملتقياتها لتقريب آراء الفُرقاء ويتنزّل ملتقى أجخرة في هذا التّوجّه.
أكثر من سنتين بعد انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في ليبيا أو ما يسمّى لجنة الستّين، مازالت الخلافات تشقّ صفوف هذه اللّجنة ولم يَرَ دستور ليبيا النّور. وقد حاولت الأمم المتّحدة لملمة هذا الوضع عبر عقد اجتماعات توافقيّة بعُمان الّتي انبثقت عنها 'مسودّة صلالة '. غير أنّ هذه المسودّة لم تُحْظَ بأغلبيّة الثّلثين لتمريرها للاستفتاء مثلما ينصّ على ذلك الإعلان الدّستوري. وتتواصل إلى اليوم التّجاذبات لإيجاد صيغة توافقية لمشروع الدّستور بمشاركة مبعوث الأمم المتّحدة مارتن كوبلر.
لم تمنع الحرب الدّائرة رحاها في ليبيا من تواصل النّقاش والتّجاذبات بين المذاهب الدّينيّة وحتّى داخل المذهب الواحد. وقد تمكّنت الطّرق الصّوفيّة من المحافظة على وجودها رغم اتّهامها بالولاء لأولي الأمر ممّا يمثّل خطرا على استمراريّتها في أزمنة الثّورات مثل الّذي نعيشه اليوم.
لم يحافظ السّاسة الأوروبيون والأمريكيون على مواقفهم السّابقة من الأوضاع في ليبيا فتحوّلت مساندتهم المطلقة لفايز السرّاج ومجلسه الرّئاسي إلى مطالبة ملحّة بإدراج المشير خليفة حفتر في المشهد السّياسي والعسكري.
لم تنقطع الدّراسة في ليبيا في السّنوات الأربع الأخيرة وإن تعثّرت بعض الشّيء خاصّة في مناطق النّزاع. ولكنّ الأمور تعقّدت أكثر مفتتح هذه السّنة بسبب نقص الإمكانيّات المادّيّة وضعف استعداد العنصر البشري.
الى أولئك الذين يقفون أمام الموت كل يوم من أجل ليبيا , الى شباب بلادي الطامحين الحالمين بمستقبل أفضل , الى أولئك الذين ذهبوا بأحلامهم بعيدا حتى غرقوا في أمواج المتوسط الموحشة , أو وجدو أنفسهم في مخيمات اللجوء ,
إلى كل شبر في ربوع بلادي.
عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين من مختلف الدول الأفريقية والعربية جمعهم القدر أن يكونوا في قارب واحد للبحث عن العيش الرغد الذي يؤمن حياة سعيدة لهم ولأسرهم و لكن هذا القارب عادة ما يودي بحياتهم الى الموت ويلقيهم البحر جثثا على السواحل.
شهدت مناطق الجنوب الشرقي من ليبيا قتالاً ضارياً بين مسلحي قبائل التبو ومسلحي المنطقة من القبائل. نزاع بدأ في شباط الماضي في منطقة تختلط فيها القبائل وتنتشر فيها بقايا مسلحي الثورة، ما أدى الى مقتل العشرات في اشتباكات استمرت عدة أيام شهدتها منطقة الكفرة، ما اضطر القوات المسلحة إلى التدخل في نهاية الأمر لوقف القتال وإعلان المنطقة منطقة عسكرية، فيما انتقلت المواجهات الى سبها.
تعيش شريحة الشباب في ليبيا على وقع الحرب والصراع والاقتتال بين القبائل والمدن الّتي يعيشها البلد منذ خمسة أعوام. وقد خلّفت هذه المواجهات صعوبات في الحوار والتعايش المجتمعي بين الجميع. وهو ما دفع إلى الاتجاه لتبني مبادرة تحاول كسر الحواجز تنطلق من الشباب الّذي يمثّل أكثر من 60% من سكان ليبيا وتسعى لإرساء وفاق مجتمعي شامل.