هنا يضطر السكانُ الى نزوح جماعي باتجاه الكثبان الرملية القريبة من منازلهم حيث ينصبون خياما أو يبنون أعرشة تحميهم من قساوة الطبيعة باستعمال وسائل جد بدائية كالقصب أو الخشب. يحدث هذا كل سنة مع بداية موسم الأمطار وسط تذمر واضح للمتضررين جراء غياب الدعم الحكومي .
ويقول "ابيليل" ل"أصوات الكثبان"،وهو" ستيني" من سكان تامورت أنعاج ان قصتهم مع التشرد في فصل الخريف ليست بالجديدة، بحكم وقوع أغلب الاحياء المذكورة فوق بحيرة موسمية، تصب فيها أكثر من مائة واد من أودية "تاڨنت" وغيرها من اودية موريتانيا، ما جعل منازلهم عرضة للسقوط سنويا ولمحاصرة المياه في أحسن الأحوال.
ويُضيفُ "ابيليل" أن أغلب السكان النازحين من منازلهم ينحدرون من طبقة العبيد السابقين ويمتهنون الرعي والزراعة ،بالإضافة الى بعض الاعمال اليدوية الاخرى التي تعينهم على مصاعب الحياة.
مع ذلك و بالرّغم من أنّ ضريبتها ستكون باهظة على حد تعبيره فإن "ابيليل" لا يخفي ، أثناء حديثه الينا، سعادته بموسم زراعي واعد هذا العام بسبب الامطار الغزيرة التي تهاطلت على المنطقة.
"امباركه" التي مازالت تعيش نشوة تمتع سكان "فم اجار" بالكهرباء لأول مرة، لا تخفي من جهتها غضبها من نزوح عائلتها الى منطقة "المونتاي" التي تفتقد الى أبسط مقومات الحياة . وتقول محدّثتنا ان النزوح هذا العام كان له وقع أشد على اطفالها من الأعوام الفارطة إذ أن الشهرين المنقضيين كانا كافيين ليتعودوا على مشاهدة التلفزيون ومتابعة المسلسلات الكرتونية وذلك بعد أن تمّ تدشين شبكة كهربائية هي الاولى من نوعها في البلدية و توسعتها حتى شملت أغلب الأحياء.
"وتُمنى"أمباركه النفس بالعودة الى منزلها قريبا وان كانت لا تتوقع نضوب المياه عن ضواحي عاصمة البلدية قبل شهر أكتوبر القادم، موعد افتتاح المدارس في موريتانيا.
وتفتقد بلدية" تامورت أنعاج " وعاصمتها "أنبيكه" لمخطط عمراني واضح المعالم بسبب التقري الفوضوي ، وهو ما جعل الحكومة الموريتانية تقر قبل أسابيع مرسوما يقضي بالمصادقة على مخطط إعادة هيكلة وتوسعة مدينة انبيكه، بإعلانه ذا نفع عام.
ويندرج المخطط المذكور و الذي اطلعت عليه "أصوات الكثبان" في إطار برنامج عصرنة وتوسعة البلدية و ذلك بهدف توفير ظروف عيش أفضل للمواطنين مع مراعاة متطلبات الحداثة واحترام حميمية و خصوصيات الأسر الذين يعتمدون بالأساس على تربية المواشي والزراعة.
و"تامورت أنعاج "هي ثالث أكبر بلدية ريفية في موريتانيا تضم البلدية أجزاء كبرى من الواد الأبيض وأجزاء كثيرة من وسط وغرب وجنوب هضبة "تاڨنت" إضافة إلى وادي وبحيرة "تامورت أنعاج " التي منها أخذت البلدية تسميتها .