وفي مهرجان خطابي أقيم بأجدابيا على هامش الذّكرى الرّابعة لهذا التّهجير٬ أكد أهالي تاورغاء المقيمون في هذه المدينة والمناطق المجاورة لها، أنهم يرفضون كلمة “توطين تاورغاء” لأنهم "ليسوا أجانب عن بلدتهم كما أنّ تاورغاء ليست مكانا خاليا سيتمّ إحياؤه".
أهالي تاورغاء عبّروا عن استيائهم ممّا وصلت إليه الأوضاع في معضلتهم الّتي لم تجد حلاّ رغم وضوح ملابساتها. وقد وضّحوا في خطبهم الّتي ألقوها بالمناسبة أنّه من غير المعقول ألاّ يقع إنصافهم والدّعوة لعودتهم لديارهم من أيّ من السّلط المتعاقبة ولا حتّى المنظّمات الدّوليّة وممثّل الأمم المتّحدة. فقد أكّدت الوقائع، حسب أهالي تاورغاء الحاضرين في اجتماع اجدابيا، أنّ "جميع البلاغات والمقرّرات هي حبر على ورق ولم يُنجز منها شيء لذا قرّروا أن لا يطلبوا شيئاً من الحكومات أو المشايخ والأعيان والحكماء وعلماء الدين والإفتاء لأنّ هؤلاء عاجزون عن تقديم أيّ شيء".
ويقول علي الهروس، منسّق رعاية أسر شهداء ومفقودي تاورغاء ورئيس منظّمة الرّحمة أنّه : لا يكفي أنّ أهالي مدينته هُجِّروا من ديارهم قسراً وظلماً إلى الشتات وشُرِّد نسائهم و أطفالهم و شيوخهم ومنهم من قُتِل واعتُقِل، وأنّ أغلبهم في مخيمات الصفيح. فرغما عن ذلك، هناك من لا يعترف بحقِّهم في العودة إلى ديارهم ولا يُقِرّ بالمظلمة الّتي يتواصل تسليطها عليهم. فحتّى وإن صدرت قرارات لفائدتهم، تبقى حبرا على ورق، يتداولها السّياسيّون ولا تجد طريقا للتّنفيذ".
كما عبّر رئيس المجلس المحلي تاورغاء عبدالرحمن الشكشاك لمراسلة أصوات الكثبان عن استهجانه ورفضه لقرار الحكومة القاضي ببناء مساكن خاصة بمهجّري تاورغاء ببنغازي أو الجفرة أو غيرها من المدن اللّيبيّة، مؤكّدا أنّ ذلك " يعني تأبيد التّهجير في حين أنّهم أصحاب الأرض وسكنوا المنطقة قبل قبائل المصاريط".
الشكشاك أعطى للمسألة بعدا عنصريّا لمّا ذكر أنّ هناك من يريد أن يربط بين السّواحل والبشرة البيضاء لتفسير عدم أحقية سكان تاورغاء بالعودة إلى ديارهم وينفي أصحاب هذا التّفسير وجود البشرة السّوداء حول حوض المتوسّط ويجيبهم الشكشاك بأنّ البحوث الأنتروبولوجيّة أثبتت أنّ التّاورغيين لهم جذور تاريخيّة متأصّلة على السّواحل اللّيبيّة.
وللتّذكير فإنّ اللّجنة المشتركة مصراتة / تاورغاء اجتمعت عديد المرّات في جنيف وتونس خلال 2015 و2016 برعاية قسم حقوق الانسان و العدالة الانتقالية وسيادة القانون في بعثة الامم المتحدة للدعم في ليبيا. وقد ناقشت اللجنة المشتركة بمساعدة خبراء دوليين موضوع جبر الضرر للضحايا وتم الاتفاق على المبادىء والعناصر الاساسية لهذا البرنامج. كما تمّ التطرق الى مناقشة كامل ملف العدالة الانتقالية.
كما تمّ أخذ رأي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين و المنظمة الدولية للهجرة حول المبادىء الدولية والبرامج المتعلقة بالعودة الطوعية للنازحين الى مناطقهم بكرامة وامان. وقد وصل الأمر إلى حدود مناقشة مسألة إزالة الألغام والاجسام الغير متفجرة لمخلفات الحرب وذلك بمساعدة وكالة الامم المتحدة لإزالة الالغام و المركز الليبي للاعمال المتعلقة بالألغام ومخلفات الحروب. واتفقت اللجنة على ان الزيارة التقييمية الأولية للوضع في منطقة تاورغاء ومناطق الجوار المحاذية لمصراتة ستكون في الاسابيع الموالية للقاء ديسمبر 2015 ولكن لا شيء من هذا حدث وهو ما يفسّر استياء متساكني تاورغاء من مواقف جميع الحكومات المتعاقبة و المنظّمات الدّوليّة والمشايخ والأعيان والحكماء و النشطاء الذين وضعوا قضيتهم في أدراج النسيان بما أنّ كلّ القرارات لم تنفّذ.
وينبّه أهالي تاورغاء وممثّليهم الجميع إلى أنّ السّكوت اليوم عن تهجيرهم سوف يؤدّي إلى كارثة في البلد يوم يصبح معظم سكان المدن الليبية نازحين بفعل الممارسات الإجراميّة للمجموعات المسلّحة الّتي تبثّ التّفرقة بين أبناء الوطن دون النّظر لتبعات أعمالهم على الكيان المجتمعي.