وأوضحت التّقارير الصّادرة عن مختلف وكالات الاستخبارات ومعاهد البحث أنّ «داعش» يبدي مقاومة كبيرة داخل سرت، رغم تقدم قوات «البنيان المرصوص»، وأنّه بصدد بناء شبكة من المقاومين المتجولين والخلايا النائمة للبقاء، وما زالت قيادات التنظيم تدعو المقاتلين الجدد للتوجه إلى ليبيا.
ففي تسجيل صوتي لزعيم «داعش»، نُشر الأول من نوفمبر الجاري، قال أبو بكر البغدادي إن «الانضمام لصفوف التنظيم في سورية أصبح أصعب مما كان، لكن طرق الهجرة إلى ليبيا ما زالت موجودة وسهلة».
وحذّر تقرير صادر عن معهد «أتلانتيك كاونسيل» من خلايا التنظيم النائمة في مدينتي فزان وطرابلس، مضيفًا أنها تملك تحديد مستقبل تواجد التنظيم داخل ليبيا. وكان «داعش» قسم وجوده في ليبيا إلى ثلاث ولايات «برقة في الشرق وطرابلس وفزان. فهو لم يكن وحدة متكاملة مثلما ظهر في سورية والعراق
وسبق تسجيل البغدادي صدور العدد الـ52 من دورية التنظيم الأسبوعية «النبأ» تضمن حوارًا مع زعيم ولاية طرابلس أبو حذيفة المهاجر، حيث زعم أن التنظيم ما زال يستقطب تدفقات مستقرة من المقاتلين الأجانب، لافتًا إلى تكوين ما يسمى بـ«كتائب الصحراء» مستعدة للقتال والسيطرة على مزيد من الأراضي.
وزعم المهاجر أيضًا أن «كتائب الصحراء تلك هي المسؤولة عن تباطؤ المعارك في سرت». وكانت قوات «البنيان المرصوص» تكبدت خسائر كبيرة بين صفوفها نتيجة هجمات شنها مقاتلون ضد صفوفها الخلفية من ناحية الجنوب والغرب.
وأوضح أن «كتائب الصحراء شُكلت حديثًا، وتتكون من مقاتلين أجانب ومستعدة لشن هجوم للسيطرة على مزيد من الأراضي، لكنها تتفادى الظهور حاليًا»، ويبدو أن تلك الكتائب تعتمد على شبكة موجودة بالفعل من المقاتلين الموالين لـ«داعش»، وفق نفس التّقرير.
وفي تسجيل آخر، قال زعيم التنظيم في بنغازي أبو مصعب الفاروق إن «قيادات ولاية طرابلس الفارين من سرت وصلوا مكان آمن ويستعدون لعمليات جديدة لصالح التنظيم».
ولفت تقرير «أتلانتيك كاونسيل» إلى اعتماد «داعش» على حملة موسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت لجذب مزيد من المقاتلين، وأطلقت تلك المواقع حملة مكثفة لجذب المقاتلين إلى ليبيا خلال العام الماضي.
وتعد المنطقة الغربية من ليبيا من أهم المواقع التي يسعى التنظيم لبناء تمركزات بها، فهي تسمح له بشن هجمات مكثفة على مدن إقليم طرابلس، وحذر التقرير من أن تكون مدينتا طرابلس ومصراتة الأهداف القادمة لـ«داعش» نظرًا لمكانتهما السياسية والمؤسسية.
ومن هنا تظهر مدينة بني وليد كقاعدة استراتيجية بالنسبة لـ«داعش»، فهي تبعد 80 ميلاً من مصراتة، وتقع على بعد 120 ميلاً جنوب شرق طرابلس، وبالفعل انتقل إليها عدد من عناصر «داعش» الفارين من سرت، وفق التقرير.
وكشفت اعترافات أحد عناصر «داعش» المحتجزين لدى القوات الليبية أن أحمد صلاح الحمالي القيادي السابق لما يسمى «ولاية طرابلس»، موجود داخل بني وليد.
وقد يتجه التنظيم، وفق التقرير، إلى الجنوب وإقليم فزان، حيث إن تدمير المنشآت النفطية الجنوبية من شأنه إلحاق مزيد من الضرر للاقتصاد، وقد يستغل التنظيم الفراغ السياسي والمؤسسي في منطقة فزان لإنشاء نقاط تفتيش والسيطرة على المواقع النفطية.
ومن المرجح أن يلجأ «داعش» إلى تشكيل شبكة جديدة مع مجموعات جهادية أخرى داخل ليبيا، وأن يتوصل إلى تسويات ويقدم تنازلات للتعايش مع المجموعات الجهادية المحلية.