تجار الهجرة هم أكبر المستفيدين من هذه الرحلات فهم يجمعون المال بكل الطرق و يتفننون في طرق النصب والتوهيم لإقناع اليائسين من حياتهم بالهجرة في مراكب يزعمون أنها مؤمنة وبإمكانها نقلهم إلى أروبا حيث تتوفر الأعمال الكثيرة التي تدر عليهم المبالغ الخيالية.
و لكن الواقع مغاير تماما فالمهاجرين غير الشرعيين يصبحون لقمة صائغة للأسماك والحيتان الجائعة في وسط البحر بسبب ركوبهم في قوارب متهالكة تدمرها الامواج وتتدمر معها أحلامهم الوردية فتتنشر جثثهم المجهولة على شواطئ مدن لا يعرفوها ودول لم يسمعوا بها من قبل .
سواحل مدينة طبرق الليبية هي احدى الشواطئ التي أصبحت تنتشر عليها كل صباح جثث مجهولة الهوية يُبلغ عنها يوميا الصيادون نقاط الأمن والمراقبة فيحضر شباب الهلال الأحمر لانتشالها الجثث ونقلها إلى مشرحة المركز الطبي.
هذا الوضع أصبح هاجسا بالنسبة للسلط في مدينة طبرق فالمركز الطبي لم يعد قابلا على استيعاب هذا العدد الكبير من الجثث التي قد تتعفن و تنقل الكثير من الأمراض مما يهدد بانتشار وباء جديد يؤثر على صحة السكان في المنطقة.
من جهته أكد مدير مركز طبرق الطبي د . فرج الجالي اعتراضه على إحضار الجثث للمركز وذلك لمحدودية الإمكانيات فالمؤسسة لا تحتوي إلا على 8 ثلاجات لحفظ الموتى وبالتالي لا يمكنها استيعاب هذه الأعداد الكبيرة لجثث المهاجرين خاصة وأنها تأتي متحللة ومتعفنة والثلاجات قد تكون غير مجدية، حسب قوله .
و يعتبر الجالي أن هذه الجثث قد تكون ملوثة أو تحمل أمراضا قد تتسبب في كارثة بيئية محتملة مما جعله يطلب من الهلال الأحمر إخلاء المشرحة بسرعة ونقل الجثث ودفنها .
رجال النيابة قاموا بالتشريح لعدد من الجثث وتبين انها لمهاجرين غير شرعيين رمتهم الأمواج على شاطئ المدينة وأعطت الاذن بالدفن.
بدورهم حذر رجال الصحة والبيئة من الكوارث البيئية لتعفن الجثث واشتكوا من عدم توفر الملابس الواقية والمبيدات الوقائية لحمايتهم .
شبيبة الهلال الأحمر شباب صغار في السن لديهم الحماس للقيام بهذه المهمة الإنسانية لانتشال هذه الجثث فيقوموا بتصويرها وجمع كل الملحقات التي تتواجد معها مثل الجوازات والبطاقات والهواتف النقالة والخواتم والنقود ويتم ترقيم الجثث استعدادا لدفنها.
الهلال الأحمر بالمدينة لاتتوفر لديهم محاليل الــ " " DNAليتم أخذ العينات من الجثث قبل دفنها وهذه من أكبر المشاكل التي تعترضهم والمشكلة الأخرى هي عدم وجود مقبرة خاصة بهذه الحالات .
من جهتهم يرفض رجال الدين دفن هذه الجثث في مقابر المسلمين ويعتبرون أنه لا يجوز الصلاة عليها حيث ليس من المؤكد ان يكونوا مسلمين.
و في هذا الاطار عقدت بلدية طبرق اجتماعا مستعجلا حضره رجال الصحة والدين والهلال الأحمر والأمن وخفر السواحل لبحث مشكلة عدم وجود مقبرة لدفن مجهولي الهوية وعلى رأسهم هذه الجثث الموجودة بمركز طبرق الطبي وهي لمهاجرين غير شرعيين.
و بفضل مساعي أهل الخير الذين تبرعوا بقطعة أرض تم دفن تلك الجثث المجهولة التي بلغت 30 جثة من ذوي البشرى السمراء من الذكور والإناث .
ويبقى ظهور أرقام كبيرة أخرى في المستقبل القريب لجثث مجهولة الهوية هاجسا قد يضع المدينة الهادئة في مشكلة صحية وبيئية هي في غنى عنها ..