لكن مجلس النواب الذي طُرِد من طرابلس في 2014 عندما انتزع تحالف مسلح السيطرة على العاصمة، أبدى رفضه لجوانب من هذا الاتّفاق ووجّه اتّهامات لحكومة الوفاق بالاعتماد على مجموعات مسلحة ذات ميول إسلامية تعارض القائد العسكري في الشرق خليفة حفتر والقوات الموالية له. وفي هذا الاتّجاه، صوّت البرلمان يوم 22 أوت ضدّ حكومة الوفاق بعد أشهر من التأجيل. وقال نواب موالون لحكومة الوفاق وكثير منهم لم يصوت أو لم يحضر إن التصويت لم يعلن عنه مسبقا وغير دستوري.
وحثت حكومة الوفاق المجلس على الانعقاد مرة أخرى "بعد استكمال التشكيل الحكومي" مثلما أوصى بذلك المجلس. ولم يتضح بعد ما إن كانت هذه التّوصية تشير إلى الاستبدال الوشيك لأربعة وزراء من الشرق أسقطوا من التشكيلة الحكومية لعدم تقلدهم مناصبهم في العاصمة أو تغيير أوسع في التعيينات الحكومية.
وكان مجلس النواب قد طلب تقليص عدد مرشحي الحكومة من 18 إلى 12 منذ فبراير الماضي وأعاد نفس الطّلب في اجتماع 22 أوت. وقد كتب رئيس حكومة الوفاق فائز السراج رسالة إلى رئيس مجلس النواب سربت لوسائل الإعلام الليبية يقول فيها إن الوزراء الأربعة سيستبدلون سريعا وأن التشكيلة الحالية للحكومة لا تعتبر نهائية. وللتّذكير فمنذ منتصف 2014 يوجد برلمانان وحكومتان متنافستان في ليبيا بعد أن انتقل مجلس النواب المعترف به دوليا إلى الشرق.
وكانت حكومة الوفاق قد وصلت إلى طرابلس في مارس بموجب اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة وحلت بذلك محل الحكومة السابقة هناك. ولكنّها في حاجة إلى ثقة مجلس النواب الّذي يمثّل المجلس التشريعي الوطني ودعمه حاسم إذا أرادت حكومة الوفاق مد سلطتها إلى الشرق وإعادة توحيد بلد يعج بالفصائل المسلحة ومنها تنظيم الدولة الإسلامية.
و قد قالت قيادة حكومة الوفاق أو المجلس الرئاسي في بيان إنه "يتطلع لأن يقوم مجلس النواب بعقد جلسة لاعتماد الحكومة التي ينوي المجلس الرئاسي تقديمها لمجلس النواب بعد استكمال التشكيل الحكومي." وأضاف أن المجلس الرئاسي وتشكيلته المقترحة ستواصل عملها حتى ذلك الحين. كما جدد دعوته لعضوين في المجلس متحالفين مع الفصائل الشرقية إنهاء مقاطعتهما لحكومة الوفاق. ورحب مبعوث الأمم المتحدة لليبيا مارتن كوبلر "باستئناف جلسات مجلس النواب" وبتعهد المجلس بإجراء مشاورات واسعة مع الأطراف السياسية والمدنية لزيادة الدعم لحكومة الوفاق.
وقال البيان ان المجلس الرئاسي "يتطلع لأن يقوم مجلس النواب بعقد جلسة لاعتماد الحكومة التي ينوي المجلس الرئاسي تقديمها لمجلس النواب بعد استكمال التشكيل الحكومي وفقًا لبنود الاتفاق السياسي، ويتعهد المجلس الرئاسي بإجراء مشاورات واسعة مع كافة الفعاليات السياسية والمدنية بهدف توسيع قاعدة التوافق، وهو الأمر الذي هدف الاتفاق السياسي إلى تحقيقه في المقام الأول". واوضح البيان بان "الوزراء المفوضين في حكومة الوفاق مستمرون في أداء مهامهم الموكلة لهم إلى حين قيام مجلس النواب باعتماد حكومة الوفاق وفقًا للاتفاق السياسي.
كما أعلنت حكومات الدول الست الكبري وهي "الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واسبانيا وبريطانيا" عن ترحيبها ببيان المجلس الرئاسي الذي أعلن من خلاله عزمه تقديم قائمة جديدة لحكومته إلى مجلس النواب، داعية هذه الحكومات، النواب إلى اعتماد هذه القائمة. وشددت حكومات دول الست الكبرى في بيان لها اليوم الخميس على تبنّي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2259 الذي يصادق على إعلان روما الصادر في ديسمبر 2015، والاتفاق السياسي باعتبار أن حكومة الوفاق هي الحكومة الليبية الشرعية الوحيدة مع رفض أي اتصال رسمي مع المؤسسات الموازية لها. وأكدت الدول الكبرى في بيانها أنها تتطلع قدما إلى أن يتم تقديم هذه القائمة الوزارية الجديدة فورا إلى مجلس النواب، داعية مجلس النواب بمجمله على التصويت لاعتماد قائمة أعضاء حكومة الوفاق الوطني المعدّلة في غضون 10 أيام، وفق ما ينص عليه الاتفاق السياسي الليبي.
وشددت الدول الست أن مسؤولية اتخاذ الخطوة التالية لتطبيق الاتفاق السياسي تقع على عاتق أعضاء مجلس النواب باعتبارها السبيل الوحيد لاستعادة السلام والاستقرار في ليبيا. وأكدت الدول الكبرى استمرار التزامها بتوفير كل الدعم للشعب الليبي وللمجلس الرئاسي ولحكومة الوفاق الوطني تحت قيادة "فايز السراج" لاستعادة وحدة ليبيا وإعادة إعمارها، مشددة في ذات الوقت دعمها التام للجهود التي تبذلها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ورئيسها " مارتن كوبلر.
كما عبر مارتن كوبلر المبعوث الأممي إلى ليبيا بحسابه بموقع التواصل الإجتماعي "توتير" عن دعمه الكامل لبيان وقرار المجلس الرئاسي بشأن العمل مع مجلس النواب من أجل سرعة تنفيذ الاتفاق السياسي. وقال كوبلر: "إنه من الضروري عودة عمر الأسود وعلي القطراني إلى المجلس الرئاسي والعمل معه من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا". الجدير بالذكر أن المجلس الرئاسي رحب بانعقاد جلسة مجلس النواب أول أمس 22 أغسطس. ويتطلع المجلس الرئاسي - حسبما جاء في بيانه - إلى العمل مع مجلس النواب ومجلس الدولة لتنفيذ "كافة استحقاقات الاتفاق السياسي الليبي بما في ذلك التعديل الدستوري بشكل عاجل وفقًا للالتزامات والمسؤوليات التي حددها الاتفاق السياسي لهذه الأجسام وبما يحقق مصلحة جميع الليبيين للأمن والاستقرار والمصالحة الوطنية". واكد المجلس الرئاسي علي التزامه" بكافة القرارات التي تصدر عن مجلس النواب بشكل ديمقراطي سليم ومتى كانت وفقًا للإجراءات القانونية السليمة". وقال البيان ان المجلس الرئاسي "يتطلع لأن يقوم مجلس النواب بعقد جلسة لاعتماد الحكومة التي ينوي المجلس الرئاسي تقديمها لمجلس النواب بعد استكمال التشكيل الحكومي وفقًا لبنود الاتفاق السياسي.