الوضع ليس بالهيّن خاصّة وأنّ الاقتتال مستمرّ في بلد غير مستقرّ، 40 بالمئة من سكّانه في عداد اللّاجئين وجزء كبير من نخبته مستقرّ بالخارج. لذا كان من الطّبيعي أن يقول مارتن كوبلر، مبعوث الأمم المتّحدة إلى ليبيا، في ختام اجتماع تونس بأنّ بناء عقد اجتماعي جديد في ليبيا لا يمكن أن يتم من الخارج، بل يجب أن يكون بأيد ليبية، وتلك كانت التّوصيّات المسداة للفريق المكوّن والّذي سيتتبع سير الاستنتاجات المنبثقة عن لقاء تونس.
وقد أكّد المتدخّلون في النّدوة والممثّلين لكلّ الطّيف السّياسي والنّسيج المجتمعي اللّيبي أنّ كلّ الملفّات يجب أن توضع على طاولة البحث والتّمحيص وليس فقط المتعلّقة بحقبة القذافي فالتّجاوزات الّتي حصلت في السّنوات الخمس الأخيرة لا تحصى ولا تعدّ وليس من مصلحة ليبيا طيّ الصّفحة دون محاسبة فذلك يشرّع للفرار من العقاب.
إنّ مسيرة العدالة الانتقالية يجب أن تشمل وجوبا الكشف عن الحقيقة عبر كلّ الوسائل الممكنة بما في ذلك الاعتراف بالتّجاوزات فهو سيّد الأدلّة كما تشمل المحاسبة أو التتبّع لتنتهي بما تتّخذه دوائر هيئة العدالة الانتقالية من قرارات في خصوص كلّ ملفّ وهو عمل سنوات.
ولكنّ الملفِتَ للانتباه أنّه ورغم الورشات العديدة المنجزة حول العدالة الانتقاليّة في ليبيا والّتي شملت البعض منها الأطفال، فإنّ المسيرة مازالت نظريّة بالأساس، فاللّيبيّون لم يدخلوا بعدُ في صلب الموضوع.