' الوضعيّة الحاليّة للمرأة اللّيبيّة لا تشجّع على العطاء فهناك نساء جسّدت معنى النّضال وصمدت في الميدان منذ اللّحظات الأولى في ميدان التّحرير ببنغازي ولكنّهنّ اليوم مضطرّات للتّخفّي أو الهجرة إن لم تكن قد وقع اغتيالها' حسب القاضي جمال بنّور، الرّئيس السّابق للمجلس المحلّي ببنغازي. موقف بنّور هذا تشاطره فيه الإعلاميّة فاطمة غندور الّتي تقول: ' لو لم يخصّص القانون الانتخابي مقاعد خاصّة بالنّساء في البرلمان لما وجدنا نسبة ال10٪ الّتي يضمّها حاليّا البرلمان فالمجتمع اللّيبي مازال ذكوريّا بالأساس '.
وتقول منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها لسنة 2014 : » يمكن لشوارع مدينة بنغازي، مهد الثورة، أن تشهد كيف خرج الليبيون نساء ورجالا في 17 من شباط/فبراير 2011 لاسقاط حكم معمر القذافي. يمكن لنفس الشّوارع والسّاحات أن تذكّر كيف تقدمت المرأة الصفوف في التظاهرات، لكنها أجبرت بعد أشهر قليلة على التراجع. وعلت أصوات تشرّع لتعدد الزوجات ومنع المرأة من السفر دون محرم وتدعو للفصل بين الذكور والإناث وتقصي المرأة الليبية من المشاركة في رسم مستقبلها وصياغة دستور البلاد .
ويعلّق مفتي الغرب اللّيبي الصّادق الغرياني على هذه التّقييمات لواقع المرأة في ليبيا بقوله: "لو كنا فعلا مجتمعا ذكوريا كما يتّهمنا البعض لكنّا أقصينا المرأة من الحياة السياسية ولكنّها موجودة وممثلة في البرلمان الليبي وأيدينا لا تزال مفتوحة مستقبلا لأي مشاركة نسوية في سبيل إعادة بناء ليبيا جديدة '. وفيما يتعلّق بالفصل بين الإناث والذكور في المعاهد الدراسية، يؤكّد الغرياني رفضه لذلك، واصفا هذا الموقف "بالتطرف الديني والجنسي" وهو "ضد سماحة المجتمع الليبي الذي يؤمن بتكامل الأدوار وبالمساواة بين المرأة والرجل".
وحسب السيدة كريمة القلالي، عضوة الاتحاد النسائي و الناشطة في مؤسسات المجتمع المدني، فإنّه قد كان للمرأة الليبية دور كبير ابان ثورة السابع عشر من فبراير. تقول كريمة: 'الكل خرج والكل حاول ان يكون له دور واضح وفعال وانطلق لتقديم الخدمات للثّورة. النساء خرجن لمداواة جرحى الثورة ومساعدتهم في المستشفيات بتقديم الطعام لهم كما قمن بتنظيف الشوارع والطرقات '. وتستدرك : 'هذا بالرّغم ممّا تحمّلنه من أذى وحيف ومن تعنيف واضطهاد فقد استشهدت الكثيرات وطال الاغتصاب العديد من الضّحايا '.
وحول موضوع الاغتصاب تحديدا، تلوم السيدة كريمة القلالي على الأمم المتّحدة أنّها ' لم تساعد الضّحايا بالرّغم من المجهودات الّتي بذلها المجتمع المدني لإقناع هؤلاء الضّحايا بعدم السّكوت '. وتؤكّد عضوة الاتحاد النسائي أنّ المرأة اللّيبيّة ' مازالت تتعرّض للعنف المادّي والجنسي ' وأنّ هناك ' ضرورة ملحّة للاشتغال حول هذا الموضوع بالاشتراك مع مكوّنات المجتمع المدني '.
ﺒﺤﻴﺙ ﻟﻡيعد ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺘﻔﻌﻴل ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺭﺍﺓ ترفا ﺃﻭ بحثا ﻋﻥ حـﻘـﻭﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻤﻁ ﺍﻟﻐﺭﺒﻰ ، ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻤﻠﺤﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ تتعامل ﻤﻌﻬﺎ ﻤﺨﺘﻠـﻑ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴـﺎﺕ ﻤـﻥ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﻭﺍﻋﻼﻡ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻰ . ﻓﻼ تزال ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎ ﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺭﺃﺓ ﺘﺤﺒـﻭ وأمامها ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻟﺘﺼل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻓﻰ ﺼﻨﻊ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ، ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭكة ﻫﻰ ﺍﻟﺘﻰ ﺴـﺘﻜﻔل ﻟﺒﺎﻗﻰ ﻨﺴﺎﺀ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻭﻗﻬﻥ ..
وبالرغم من تعالي الأصوات من داخل ليبيا وخارجها للمطالبة بمزيد من الحريات والحقوق المدنية، يبقى مستقبل المرأة الليبية رهين ما ستؤول إليه البلاد في ظل تناحر سياسي وعسكري مفتوح على كل الاحتمالات.