وقالت بوكمار: «لوحظ في مناطق الاشتباكات فيضانٌ في مياه الصرف الصحي، ما ينتج عنه تلوث البيئة وانتشار القوارض التي قد تكون حاملة للأمراض المعدية ومنها مرض الطاعون، وأيضًا الجثث المتحللة التي تسبب أمراضًا معدية وقد تنتقل عن طريق الهواء، وأيضًا مخلفات الحرب التي تسبب تلوث المياه الجوفية».
وأضافت بوكمار: «هناك ظاهرة الكلاب التي تسبب مرض داء الكلاب، وفي حالة وجود مرض معدٍ (وباء) يتم إجراء التحاليل لتحديد عدد الإصابة في الفئة المشتبه بإصابتها، ويجب عزلها في مركز خاص بالأمراض المعدية، أو أقسام خاصة بمستشفى عام ومنع اختلاطها لحين إتمام علاجها، أما بالنسبة للأماكن أو المنطقة التي ينتشر بها مرض معدٍ يجب أن ترش بمواد خاصة للقضاء على الجرثومة المسبِّبة والناقلة إن وجدت مثل القوارض، وتطهير المكان حسب ما يحدده المركز الوطني لمكافحة الأمراض المعدية».
وأكد مدير فرع الهلال الأحمر في بنغازي، قيس الفاخري، أنَّ «في مناطق الاشتباك التي لا توجد فيها خدمات بيئية أو صحية سيكون هناك تأثير صحي وبيئي أكيد في العالقين المدنيين إذا تواجدت القمامة».
كما أكد أن «هناك بوادر خطر عندما تتحلل تلك المخلفات بانتشار البعوض والذباب والقوارض، وهى ناقلات الأمراض للإنسان فمن المتوقع وجود أمراض جلدية، وكما نعلم فإنَّ هناك عائلات عالقة ولديها أطفالٌ يحتاجون إلى رعاية خاصة مثل توفير الغذاء الصحي لهم وكذلك توفير التطعيمات اللازمة للأطفال».
وأشار الفاخري إلى أنَّ « نعمل في الهلال الأحمر ببنغازي مع إدارة الخدمات الصحية في بنغازي، ومع إدارة حماية البيئة ومع غرفة العمليات والطوارئ الخاصة بالهلال الأحمر الليبي في بنغازي وفرق العمل فيها من متطوعين ومتطوعات كجهة محايدة من أجل مدينة بنغازي ومن أجل تخفيف معاناة أهلنا المتضررين من هذا الصراع المسلح، ونحن على استعداد تام لمواجهة الكوارث الطبيعية أو غير الطبيعية».
ووصف مدير إدارة الخدمات الطبية، أحمد سويسي، أماكن الاشتباكات في مدينة بنغازي بأنَّها «أماكن ملوَّثة بيئيًّا».
وأكد ضرورة مواجهة هذا التلوث عن طريق «تجهيز كتيبة جديدة تضم مفتشين صحيين وأناسًا متخصصين في البيئة للكشف عن عوامل التلوث الناتجة من مياه المجاري وركام الأبنية المدمَّرة وانتشار القوارض والحشرات، وتوضع خطة للقضاء على كل الآفات وإزالة الركام».
وحذَّر سويسي من مياه المجاري كونها «ملوَّثة وخطيرة وقد تسبب كثيرًا من الأمراض الوبائية منها مرض الكوليرا، كما تسبب القوارض أمراضًا خطيرة أيضًا كالطاعون، هذا عدا الفيروسات التي تعد مياه المجاري الطافحة بيئة مناسبة لانتشارها، مسبِّبة أمراض شلل الأطفال وأمراضًا أخرى خطيرة جدًّا».
وأكد سويسي خطورة الأسلحة، حيث إنَّ القنابل تحتوي على مواد كيماوية، ومع اصطدامها بالأرض وارتفاع درجة الحرارة يتم التفاعل وتصبح الأرض ملوثة كيماويًّا.
وأضاف: «لدينا دراسات سابقة مثلاً في العراق ظهرت التشوهات الخلقية عند الأطفال حديثي الولادة، وازدادت عمليات الإجهاض نتيجة تلوث التربة بالعناصر الكيماوية الموجودة في الأسلحة والذخائر، ومن المفترض التأكد من صلاحية ومراقبة مياه الشرب، حيث اتصال شبكات مياه الشرب الموجودة في مناطق الاشتباكات مع الأماكن الأخرى المحرَّرة قد يسبب مشاكل صحية للمواطنين، ويجب تعاون أهل المدينة ومنع دخول مناطق الاشتباكات فور تحريرها إلا بعد أن تتم الإجراءات الوقائية للمنطقة بالكامل، والتأكد من خلوها من أي أخطار صحية و بيئية».
وأشار الناطق باسم شركة الخدمات العامة، منذر الفقهي، إلى أنَّ أكثر من 1200 طن من القمامة والمخلفات يتم نقلها يوميًّا من مدينة بنغازي إلى المكب العمومي.
وقال: «نظراً لانقطاع الخدمات في المناطق غير المحرَّرة بعد فإنَّ الوضع البيئي فيها مصيره مجهولٌ، ولو أخذنا منطقة بنينا كمثال فهناك عددٌ كبيرٌ من المباني المتضرِّرة، يوجد عددٌ كبيرٌ من مخلفات الحروب ومخلفات القذائف والذخائر في شوارع المنطقة وبالقرب من المنازل وداخلها وتبعثر كميات كبيرة من مخلفات البناء، وهناك بعض الأشجار وأعمدة الكهرباء ملقاة على الأرض نتيجة الاشتباكات التي شهدتها المنطقة وانعدام خدمات النظافة داخلها نظرًا لكثرة مخلفات القمامة في بعض الطرق والشوارع، كما توجد داخل المنطقة أعدادٌ كبيرة من هياكل السيارات المتهالكة والمحروقة نتيجة الاشتباكات التي شهدتها المنطقة».
وأضاف الفقهي أنه «بعد تحرير منطقة بنينا أسرعنا في تنظيف المنطقة، وقمنا بعدة حملات نظافة مكثفة وكذلك حملات رش المبيدات للسيطرة على الوضع البيئي والقضاء على الحشرات الضارة ومكافحة القوارض، وكذلك الحال في باقي المناطق المحررة».
وقال المسؤول الإعلامي في كتيبة «شهداء الزاوية»، محمد الزوي: «إنَّ تسرب المياه الدائم وطفح مياه المجاري نتيجة الاشتباكات في بنغازي، سبّب ظهور برك مياه راكدة ونمو الأعشاب، وصارت مرتعًا خصبًا للحشرات الضارة بحجمها الكبير الغريب وتكاثرها بعد عام من القتال، وظهور أشكال غريبة من حشرات لا نعلم فصيلتها».
وتحدث الزوي عن «وجود جثث تحت الأنقاض أو في مساحة مفتوحة يتعذَّر نقلها وتحللت».
وأكد أن «الطرف الآخر لا يهتم كثيرًا بانتشالها ولا بدفنها وتزداد المخاطر مع تجمعات كبيرة للكلاب الضالة الشاردة، والمعروف عن هذه الكلاب إذا أكلت لحومًا بشرية نيئة تصبح مسعورة وناقلة للأمراض، خاصة مع أصوات الرصاص تهرب هذه الكلاب إلى الأنقاض للاختباء، ثم تتجوَّل عندما تجوع لتلتقط شيئًا تأكله، وبعد مضي عام على المواجهات صارت تتوالد وتكثر جراؤها في محاور القتال، ناهيك عن كمية القمامة المنتشرة، التي تتحلل مع الأيام وتتسرب إلى الأرض لتختلط بالمياه الراكدة، مما جعل الوضع سيئًا وأصبحت مناطق الاشتباك بيئة خصبة للأمراض».