ويقول المحلّل السّياسي اللّيبي عبد الرزّاق العريبي إن الحل العسكري وحده لن يحرر مدينة سرت من قبضة تنظيم «داعش» ولن يحل الأزمات الليبية، داعيًا القوى السّياسيّة والعسكريّة اللّيبيّة والإدارة الأميركية وأوروبا إلى العمل على استراتيجية سياسية موازية لإنهاء الأزمة.
وأكد العريبي ، في حوار مع أصوات الكثبان، أن أهم الأولويات أمام واشنطن وأوروبا هي تقوية دعائم حكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج لبسط سيطرتها وتأكيد شرعيتها على كامل أراضي ليبيا.
ومع تعذر عقد جلسة داخل مجلس النواب للتصويت على منح الثقة لحكومة الوفاق، اقترح العريبي تكليف المجالس البلدية بتعيين ممثلين لهم في هيئة وطنية تكون، إلى جانب الوفود المشاركة في توقيع الاتفاق السياسي بالصخيرات، مسؤولة عن مساءلة ومحاسبة والعمل مع حكومة الوفاق الوطني.
وأوضح أن تلك الهيئة المقترحة لن تحمل صفة تشريعية، لكنها ستتولى مهام مساءلة الحكومة وتنسيق جهود توفير الخدمات العامة وحل الأزمة الاقتصادية.
ورأى الباحث أن الحراك المحلي من أفضل محركات السلام في ليبيا، ولهذا فإن تقوية المجالس البلدية والممثلين المحليين مفتاح تحقيق الاستقرار والتنسيق بين السلطات المحلية والمركزية.
وقال العريبي: «رغم الجهود الدبلوماسية المكثفة من غير المحتمل أن يوافق قائد الجيش الليبي الفريق أول ركن خليفة حفتر على العمل تحت قيادة حكومة مدنية، ولن يقبل داعموه- مصر والإمارات- أي حكومة ليبية تضم إسلاميين مما يعني أنه لن يكون هناك حكومة موحدة تعمل من داخل طرابلس».
وتابع أن «الفرصة دائمًا سانحة لحفتر وداعميه، لكن لا يجب السماح لهم بتقويض شرعية حكومة الوفاق لأنهم ببساطة يسيطرون على مجلس النواب».
وقال العريبي إنه على أوروبا وواشنطن التأكد من وقف حدة التصعيد العسكري في مختلف المدن والمناطق الليبية، بينما تعمل الحكومة على تركيز دعائمها سياسيًا وبسط سيطرتها. ولهذا دعا أوروبا وواشنطن إلى الدفع نحو تحقيق وساطات محلية واتفاقات لوقف إطلاق النار والأعمال العدائية بين القبائل والفصائل المسلحة، مقابل توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية.
وخص الباحث بالذكر مدينة بنغازي لأنها تعد من أكبر المدن الليبية ولها علاقات قوية تقريبًا مع كافة المجتمعات الأخرى، مشيرًا إلى أن «الأوضاع بالمدينة خرجت عن السيطرة».
كما تحدث الكاتب عن السيناريو الذي يجب أن يلي تحرير مدينة سرت من قبضة تنظيم «داعش» وقال إن المدينة يجب أن تُسلم إلى السلطات المحلية لإدارتها، لافتًا إلى أهمية «معالجة مظالم السكان والشعور بالتهميش المتنامي داخل المدينة».
ولفت إلى ضرورة وجود اتفاق أمني شامل لتأمين مدينة سرت عقب طرد التنظيم، إلى جانب مواصلة الجهود الدبلوماسية والسياسية المكثفة لتحقيق الاستقرار، على أن تركز تلك الجهود بشكل أكبر على المستوى المحلي للتخلص من العنف والنزعة المسلحة.
وشكك العريبي في مدى فاعلية الضربات الجوية التي شنتها طائرات أميركية في سرت، وقال إن الأيام القادمة كفيلة بتحديد مدى صواب أو خطأ تلك الضربات من الناحية العسكرية.
وأوضح العريبي أن مساحة سيطرة تنظيم «داعش» في ليبيا تراجع من تسعة آلاف كلم مربع قبل شهر مايو إلى 20 كلم مربع فقط، بفضل العمليات العسكرية للقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني وهو ما يؤكد أن القيادة الليبية للعمليات العسكرية أمر حاسم في تحقيق الانتصار.
ولفت المقال إلى اختلاف التدخل الأميركي في ليبيا عن غيره من الدول بالمنطقة، إذ جاء بناء على طلب رسمي من حكومة الوفاق الوطني بدلا عن «التدخل أولا ثم البحث عن شركاء محتملين».