و يلاحظ سكان شرق ليبيا التطور الإيجابي للوضع الأمني، خصوصا في مدينة بنغازي. " المؤشر الأقوى يتمثل في اختفاء الحواجز بشكل تام من كافة شوارع و طرقات الشرق الليبي، عدا حواجز الشرطة و الجيش" حسب الدّكتورعبد القادر قدورة، العميد السابق لجامعة سرت و عضو لجنة صياغة الدستور.
وإلى جانب رضاهم عن مردود الجيش، يعبر المواطنون أيضا عن استحسانهم لمردود السلطات. فتروي الحاجة فاطمة و هي سيدة في الستين عمرها تسكن في حي الهواري بشرق بنغازي لمراسلة أصوات الكثبان كيف أن الوحدات الخاصة ضاعفت في الأشهر الأخيرة من الهجومات الأمنية مستهدفة أوكار الجريمة والفساد. " رجال الشرطة قاموا بمهاجمة هذه المجموعات الشريرة سواء الإرهابية منها أو عصابات تجار المخدرات... فليحمهم الله... بفضلهم لم نعد نخاف على أطفالنا" حسب الحاجة فاطمة التي تؤكد أيضا أن المباني العشوائية في طريقها إلى الإزالة من الحي الذي تسكن فيه،و ذلك إثر حملات التّهيئة التي تقوم بها البلدية بالتنسيق مع الشرطة. وللتّذكير فإنّ منطقة الهواري تعَدُّ من أكبر الأحياء في بنغازي خضع جزء كبير منه إلى سيطرة داعش وحلفائها لمدة تزيد عن السنة..
وعلاوة على المكسب السياسي والاقتصادي الكبير الذي حققه اللواء خليفة حفتر بسيطرة الجيش على موانئ الهلال النفطي، فإنّ المواطنين في بنغازي وفي المدن المحيطة بها جِدّ سعداء بعودة السكينة الّتي افتقدوها لسنين إلى المنطقة. " فلم يكن يمر يوم دون تسجيل سقوط قتلى وحدوث حالات اختفاء في كل أحياء بنغازي و في المدن الأخرى من الشرق الليبي كدرنة و أجدابيا و القبة و البيضاء" حسب حنين، الطالبة ذات ال25 عاما التي غادرت عائلتها حي الهواري عند سيطرة داعش عليه.
حنين تذكر أنه حين عودتها و عائلتها إلى حيهم في أوت 2015 إثر تحرير قوات الجيش للهواري، لم يكن الأمن مستتبا بصفة كاملة هناك. و تضيف :" في الفترة الأولى من رجوعنا، كنا نضطر أن نلزم بيوتنا بعد غروب الشمس... الحي لم يكن مؤمنا بالمرة كما هو الحال بالنسبة لباقي أحياء المدينة... كانت عصابات المجرمين تجوب الأحياء المحررة لسرقة البيوت الخالية من السكان... هؤلاء المجرمين كانوا يهجمون حتى على المارة". و تستدرك محدثتنا كلامها قائلة :" أحسسنا بعودة الأمان لبنغازي منذ أشهر و هذا جعلنا نحب الحياة من جديد...من المفرح أن نرى رجال شرطة أو جنودا، بأزيائهم الرسمية يقومون بتأمين الطرقات... هذا مريح". وتلح حنين على مراسلة أصوات الكثبان لكي تذكر أن " هذا الإحساس بالراحة لا يستمتع به إلا من عاش مثلنا في الخوف و انعدام الأمن".
نفس الحالة من الارتياح سجّلناها في أجدابيا، الواقعة على بعد 152 كلم شرق بنغازي، على طريق موانئ الهلال النفطي إذ يؤكد محمود بوعوصا، المكلف بالاتصال في بلدية أجدابيا، على عودة الهدوء إلى المدينة التي شهدت في السّابق حضورا عسكريا لأنصار الشريعة و ميليشيات ابراهيم الجضران إلى حدود أفريل ماي 2016.
" في السابق، كان هناك توتر و منافسة بين المجموعات المسلحة على الميدان رغم أن الاشتباكات المباشرة لم تكن دارجة... أما الآن، فالسلطة بيد الجيش حصريا... لم يعد هناك وجود عسكري للمجموعات المسلحة على الميدان... حتى رئيس البلدية العقيد مبارك المنفي تمت تسميته من طرف الحاكم العسكري للشرق، عبد الرزاق الناظوري" حسب المكلف بالإعلام.
ويروي محمود بوعوصا، أثناء تقديمه لتطور الوضع الأمني في أجدابيا، تفاصيل الخلاف الذي حصل بين ابراهيم الجضران و خليفة حفتر عندما عبر الأول عن رغبته في الالتحاق بالجيش. ردّ حفتر كان حاسما إذ قال له :" ليس لديك معرف عسكري لذلك لن أقبل بك في صفوف قواتي... الجيش لا يقبل إلا العسكريين القدامى أو خريجي أكاديميات تكوين الجيش الوطني الليبي".
محمود بوعوسا تحدث أيضا عن التكوين العسكري الذي يؤمنه الجيش من خلال أكاديميتين في شرق ليبيا و ثلاثة معسكرات نظامية للتدريب. ويؤكّد بوعوصا في خاتمة حديثه : " لا توجد أشياء شبيهة لهذه في غرب ليبيا و هذا ما يخلق الفرق خصوصا على مستوى الانضباط و تكريس هيبة الدّولة ففي الشرق، عندنا جيش حقيقي "، مضيفا : "إعادة إرساء الأمن و الاستقرار في حياة الناس رفع من شعبية حفتر عند المواطنين".