وقد كشف العضو المقاطع لهيئة الدستور سالم كشلاف عن لقاء مجموعة من أعضاء الهيئة المقاطعين مع المبعوث الأممي الي ليبيا مارتن كوبلر بطرابلس ووضّح أنّ هذا اللّقاء جاء بناءً على طلب من البعثة الأمميّة للتواصل مع الأعضاء المقاطعين والمعارضين لما يعرف بـ”مسودة صلالة” .
وأوضح كشلاف خلال استضافته على قناة النبأ أنهم اشترطوا على الأمم المتّحدة ان يكون اللقاء في طرابلس وليس خارج الأراضي الليبية ، كما أنّهم وضّحوا لكوبلر بكلّ صراحة طرحهم للإشكاليات الموجودة بالمقترح الاخير الذي طُعِن فيه وصدر بحقّه حكمان قضائيان بمحكمة الاستئناف. وحسب قول العضو المقاطع بهيئة الدستور فإنّ كوبلر عبّر عن رغبته في المضي قدما في العملية الدستورية ، مبيناً بأن هذا يحمل مضامين ودلالات غاية في الأهمية تكشف أن الأمم المتحدة اصبحت على قناعة بصحة مواقف الأعضاء المعارضين وأسبابهم الموضوعية والخروقات التى قام بها الأعضاء الذين صوتوا على مسودة صلالة.
وأضاف كشلاف :” الامم المتحدة أصبحت على يقين بأنّه لا وجود لما يُعْرَفُ بمسودّة مشروع الدستور الليبي كما يُسوِّق له البعض، واتّضح لها أنّ هذا الأمر مخالف للواقع وأنّه لابُدّ من وضع حل لهذا الانسداد في الأفق الدستوري وقد عبّر السيد مارتن كوبلر بوضوح عن ذلك وقال نريد ان نمضي قُدُمًا بالعملية الدستورية وبالتّالي لا وُجوُدَ اليوم لأيّ مُسْودّة يمكن عرضها على الاستفتاء".
وانتقد النّائب الأعضاء الذين صوّتوا على مسودّة الدّستور التى قُدِّمت لمجلس النواب، معتبراً بأنهم لا يحظون بأي حاضنة شعبية، مؤكِّداً أن مسوَدّتهم تُؤَسِّس لدولة قبليّة تنعدم فيها العدالة وتهدر مبدأ المواطنة.
وبيّن عضو هيئة الدستور المقاطع أن جميع الموجودين باجتماع طرابلس استنكروا على البعثة الأمميّة انحيازها ودعمها للأعضاء الموقّعين على مسودة صلالة مادياً ولوجستياً واعلامياً، موضّحا أنّ كوبلر قال لهم : " الأمم المتحدة ستصحِّح من أخطائها السابقة وستتعامل بشكل متوازن ولن تدعم طرفا دون آخر في المستقبل".
واختتم كشلاف حديثه بمطالبة البعثة الأمميّة بالمساعدة على تصحيح الأخطاء الموجودة في هذه المسودة معتمدة على دعم الطرفين ومحاولة التّواصل مع الخبراء ومؤسسات المجتمع المدني وكافة الأحزاب والممثلين وكلّ القوى الفاعلة داخل المجتمع الليبي للوصول إلى صيغة توافقيّة. كما أكّد على ضرورة أن تحُثَّ الأمم المتّحدة الجميع على المشاركة في صناعة الدستور، مُحذِّرا من عدم تلبية البعثة لوعودها لأنّه لا مناص أمام الهيئة آنذاك إلا أن تلتزم بنص المادة 52 باعتبار أن الهيئة انتهت مدّتها القانونية اعتبارا من يوم 24 مارس بحسب قوله.
ويذهب الدّكتور عبد القادر اقدورة، عضو هيئة الستّين عن بنغازي، في نفس الاتّجاه الرّافض لمسودّة صلالة معتبرا أنّ الأمر معروض اليوم أمام القضاء و أنّ حكمين قد صدرا بعْدُ فى الشق المستعجل : الاول حكم دائرة القضاء الإداري بالبيضاء الذى يقضى بوقف تعديل اللائحة الداخلية لعمل الهيئة التأسيسية وما يترتب عليه من اثار ومنها بطلان التصويت على مسودة الدستور والحكم الثاني من نفس الدائرة وبموجبه تم وقف قرار التصويت على المسودة والتوقيعات التي تمت بعد التصويت.
فقد حُكِمَ إذن بوقف تنفيذ كل ما قامت به الهيئة ناقصة النصاب، ورغم ما صرح به بعض الأعضاء بأنّ هذين الحُكْمين لا قيمة لهما إذا ما أسرعنا فى تقديم المُسودّة لمجلس النوّاب او أنّ المحكمة الإدارية غير مختصة وان المختص فى مثل هذه الحالات هي المحكمة الدستورية وهذه كلّها استنباطات فكريّه لفتح باب الجدل والمحاججه القانونيّة يعرفها أهل المحاماة وهذا من طبيعة مهنتهم ولكن عندما يتعلّق الأمر بهيئة دستوريّة مكلّفة بوضع دستور فإنّ الأمر هو فى مكان آخر.
ويواصل الدّكتور اقدورة تقييمه للأوضاع إثر وصول المسودّة الى مجلس النواب "وما كانت لِتصل لأنها معيبة فى ركن أساسي فيها وهو إقرارها او التصويت عليها بمعنى صحة ميلادها"، وانا لا أعرف كيف ستتمّ معالجة الأمر خاصة في ظروف انتظار صدور حكم قضائي نهائي بخصوص التصويت عليها من جهة، وضرورة احترام مبدأ دستوري آخر وهو مبدأ الفصل بين السلطات من جهة أخرى، و فى الحقيقة هذا وضع لا يحسد عليه مجلس النواب.
على كلّ، يرى الدّكتور اقدورة أن أمام مجلس النواب ثلاث خيارات : خيار إقرار المسودة وإصدار قانون الاستفتاء وأنا شخصيا أرى أن هذا الخيار مستبعد لصدور المسودة عن مجموعة من الأعضاء ووفق إجراءات غير صحيحة، الخيار الثاني ان يعيد المجلس المسودة للهيئة التأسيسية وتدعى لاجتماع لتصحيح أوضاعها وإنجاز عملها فى مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، الخيار الثالث يُجَمِّد مجلس النواب أعمال الهيئة التأسيسية حتى صدور الأحكام القضائية المنتظرة وله فى الانتظار إقرار دستور مؤقت سواء بإدخال تعديلات على الإعلان الدستوري الحالي او على دستور الاستقلال.
في كلّ الأحوال، مازالت أشواط للوصول إلى الدّستور.