ويقرّ الملاحظون بالدّور المهمّ لهذه المنظومة الاجتماعيّة بما أنّه هناك شبه إجماع من الجميع بأن المجتمع الليبي هو مجتمع قبلي وتتحكم فيه أعراف القبيلة.
وقد اجتمعت القبائل بمباركة ليبيّة ودوليّة في القاهرة في ماي 2015 وفي أجخرة بليبيا في أكتوبر 2016 وتلعب القبيلة في المدة الأخيرة دورا كبيرا في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة، مثل ورشفانه ومصراته وغريان والزنتان ومصراته والزنتان وقبائل الشرق ومصراته وقبائل الجنوب ومصراته.
وقد برز ها الدّور على السّطح خاصّة إثر فشل القوى والنخب السياسية في إقناع المليشيات في وضع السلاح واللجوء الى الحوار في حين أنّ القبلية ساهمت كثيراً في إيقاف القتال والتفاوض.
كما أنّ غياب الدّولة الفعلي في حلّ الإشكاليّات العالقة وشلل مفاصل الدولة المتمثلة في البرلمان والحكومة وهما لا يمثّلان ولا يمتثلان للقبيلة، عمّق هذا الانطباع حيث أنّ معظم أعيان وشيوخ القبائل يرون أن البرلمان والمؤتمر والحكومة هما سبب النزاع.
معطى آخر ساهم موضوعيّا في دفع دور القبيلة وهو قربها من الإسلامين المتشددين وغير المتشددين بحكم الرابط الاجتماعي والقبائل قادرة على رفع الغطاء الاجتماعي عنهم وعن كل خارج عن نطاق ومبادي وأعراف القبيلة وقامت بذلك عديد المرّات ونجحت في رأب الصّدع.
ويقترح وزير الصحّة السّابق الدكتور ناجي بركات هذا الحلّ ' القبلي' ويقول في هذا الصّدد : المجتمع الدولي يبحت عن حلول ويريد أن يكون الحل سياسياّ قبل فوات الأوان، حين تكون ليبيا على حافة الانهيار... فأحد أطراف النّزاع متشدّدون ولا يريدون قبول الحلول الوسطية وكذلك جزء من المليشيات والمناطق الّتي تورطت في حروب مع جيرانها ويسيرها المتشدّدون أو بعض الانتهازين الباحثين عن السلطة والمال. لذا، يصبح المنطق القبلي مفتاحا ممكنا لحلّ مقبول من الجميع.
غير أنّ الدّكتور بركات يشير إلى أنّ القبيلة لا تصلح أن تُشرَك في السياسة وبناء الدولة. فإن كان دورها مهماّ في عمليات الحوار والتفاوض وحل النزاعات ولكن يجب ألا يكون لها دور في اختيار الحكومة أو القيادات الأساسية للدولة لأنّ من يُنَصب من قبل القبيلة فولائه سيكون لهذه القبيلة وليس للوطن ويستمرّ الظلم ويتفشّى في الدولة الفساد من جديد لأنّ القبيلة هي الّتي وضعت المسؤول في المنصب، وهو يريد لِقبيلته أن تحكم الدولة من خلال استحواذ أبنائها على المناصب الحيوية بالدولة.
ويختتم الدّكتور مداخلته بالقول بأنّ القبيلة لا تصلح أن تكون عنصرا فعّالا في سياسة الدولة بل طرفا مساهما في تقريب وجهات النظر ووسيطا لحل النزاعات بين المناطق وكذلك كبح بعض الخارجين عن القانون من أبنائها وردعهم وذلك بعزلهم اجتماعياً. هذا هو دور القبيلة السياسي وأما الاجتماعي فهو كثير وهو الّذي يضمن اليوم استمرار الأمل في ليبيا.