وهذا ما جعل "هانيبال الهوش"مدير جمعية زوارة للهوية والتراث يُنظم في اواخر يوليو الحالي مسابقة لعرض الازياء التقليدية والتمتع بجمالها وتنوعها.
ويقول "هانيبال الهوش" انه منذ تأسيس الجمعية سنة 2003وهي تهتم بكل ما يمس التراث والهوية وتجميع التاريخ الأصيل وحفظه من الضياع.
ويضيف "الفكرة نضجت لتصبح واقعا وعملا جادا وتم دعوة 23عارضة ومتسابقة تنوعت أزياؤهن بين المحلية والدولية واُقيم العرض بالفعل في مقر الجمعية وكان مرفقاً بنبذة تعريفية عن اسم الزي ومنطقته"
من جهتها تقول السيدة "فتحية جبارة" ،خبيرة بالزي التقليدي واحدى أعضاء لجنة التحكيم، تقول "هذه بادرة مميزة وخاصة انها للمرة الأولى تحدث في المنطقة بالرغم من الظروف الصعبة التي تشهدها ليبيا. ومن المميز ان نشاهد هذه اللوحة المنوعة للزي التقليدي ونعود بالتاريخ الى الوراء. وقد لاحظنا من خلال العروض ما يشهد تطورا مع الزمن ولكن لم يفسد اصالته في الوقت الذي شاهدنا بعض الازياء تطورت واصبحت تفتقر للكثير من معالمها، وهذا ما يعتمد عليه التحكيم بالإضافة الى طريقة اتقان ارتدائه والحضور والتناسق والعراقة"
"في العرض هناك أثواب مطرزة برائحة امهاتنا وجداتنا" هكذا قالت السيدة "فوزية مصدق" مديرة فريق عروس ليبيا والذي كان من المشاركين في المسابقة وتضيف "شاركنا هذه الليلة ببعض الازياء التقليدية التي تعود اعمارها الى اكثر من سبعين عام فهناك زي مدينة غات البدلة التارقية تحصلت عليه من احدى العجائز التي فاق عمرها 85 عام فقد كان من جهازها كعروس متمنية ان يتعرف الناس عليه بعرضه وحين سلمته لي كانت بدموعها"
"اخلاص محمد" متسابقة من المغرب عبرت لنا عن مدى فرحتها بتقديم وتمثيل دولة المغرب بالزي التقليدي وهو التكشيطة وعرفتنا عنه بقولها "هي عبارة عن مايشبه الفستان الطويل المكون من قطعتين (الفوقية والتحتية)يُستخدم معه حزاما خاصا عند الخصر" وقد تميزت تكشيطة "اخلاص"بنوعية الأقمشة الفاخرة التي أُستخدمت في صناعتها، وألوانها الجريئة والمتناغمة بين الاحمر والذهبي، إضافة إلى التطريز بشكل كثيف والتصميم الذي يُضيف نوعاً من الوقار والتألق حسب رأي لجنة الحكم
بقدر ما كانت الليلة رحلة عبر الازمان كذلك كانت رحلة بين البلدان فمن المغرب مرت بتونس بعرض لبسة "الحضّاره"وهو زي يمثل مدينة الحمامات بالتحديد حسب قول المتسابقة "خديجة علي" التي تضيف "هذا الزي ترتديه قريبات العروس في العرس وهو يتكون من الكبوس والبلوزة والسروال والفرملة مطرزة ومزركشة بنقوش بخيوط الحرير المذهبة ومشكلة نقوش وأزهار" اما عن ما شجعها بالمشاركة تقول "انها فرصة رائعة لعرض وإحياء هذه الازياء وحمايتها من الضياع والنسيان"
احطت رحال المسابقة بالجزائر بعرض القفطان الجزائري الذي قدمته المتسابقة الجزائرية "عائشة بن زايري" "القفطان يتكون من ثلاث قطع وهي القفطان والسروال والبرنوس وهو لباس تقليدي وقماشه من(الليفال _الشموا) ومُطرز من قبل الحرفيين القدامى الجزائرين الذين يبدعون في اظهار جمال تطريزتهم على قبعة البرنوس ومقدمته الامامية" حسب قولها. عائشة تقول بأنها سعيدة بهذه الفرصة لمد جسر التواصل مع الليبين، وانها تفاجأت بهذه الحفاوة والتنظيم في زوارة الليبية اللذان لم تتوقعهما في دولة حرب كليبيا.
بالإضافة لهذه الازياء الدولية المسابقة عرضت خلال ساعتين تنوعاً للزي الليبي التقليدي من مناطق مختلفة وهي طرابلس ،سبها، بنغازي، غدامس، غات، البيضاء، درنة، تيجي، زواره، بني وليد، ترهونة، نالوت، كاباو، اما اسماء الازياء فكانت كثيرة منها كما تُوضح السيدة "فوزية" اللبسة الطرابلسية(الحصيرة) اللبسة الشرقاوية(العبروق) اللبسة الغاتية(التارقية) اللبسة السبهاوية(التباوية) لبسة تيجي(الرداء) اللبسة الزوارية(تمدقلت) وقد فازت الأخيرة(تمدقلت) بالمسابقة حسب تقييم لجنة الحكم.
وعن هذا الزي تقول جبارة " لبسة "تمدقلت"هي لبس العروس الامازيغية الاصيل توارثه امازيغ ليبيا عبر الأجيال ولايزال يرتدونه الكثير من العرائس حتى اليوم في زوارة، وهي لبسة تتكون من (تمدقلت وهو رداء يصنع من الحرير اوالصوف وتتخلله النقوش الفضية ويكون الحرير والفضة فيها بشكل مسبوك، بالاضافة الى(تكميست) القمجة وهي البلوزة او الفستان الذي يرتدونه تحتها وعادة يكون من اللون الاحمر او الفضي تمازجاً مع الوان تمدقلت، بالاضافة الى"الشملت" وهي عبارة عن قطعة من الصوف الاحمر التي يرابطوا بها الرأس ،اما الحذاء الذي يُرتدى معه يسمونه بالامازيغية (البلغت)وهو حذاء بسيط من الجلد الاصفر"
ان مايتوج هذه اللبسة حسب ما كان واضحاً هو الحُلي المسماة (الفجرت) الفضة وهي ما تتزين به المتسابقة لتكتمل زينتها وهي متكونة من عدة قطع اهمها حسب ما أوضحت لنا الحاجة مريم احدى الحضور " "اللّبت"وهي عبارة عن قلادة كبيرة الحجم وطويله، اما"اسدرور" فهو حُلي تزين به جانبي وجه العروس ويكون متدلي للأكتاف بالاضافة الى "التكليل"وهو طوق يُوضع فوق الرأس يكون مُحملاً بحلي صغيرة ومرصعاً بالمرجان، وايضاً الخلخال والاساور وجميعها من الفضة وتكون قطعها غنية بالنقش" اما عن ماهية هذه النقوش تقول "بأن وضع هذه النقوش كان يُمثل قصصا ورمزية تُعبر عن لسان حال اهلها اللذين ارتبطت منطقتهم بالبحر" مُشيرة الى رسومات البيئة البحرية والطبيعة التي تطغى على هذه الحُلي"
اختتمت المسابقة بتكريم الفائزة والمشاركين بأجواء تنظيمية حصدت إرضاء وإعجاب الحضور، هذا التنظيم كان بالتعاون مع معهد الفندقة والسياحة كما تقول "أ.صباح الرابع" عضو هيئة التدريس والمُشرفة وتضيف "إقامة مثل هذه المحافل فرصة رائعة لطلبتنا بالمعهد لاكتساب الخبرة الميدانية وخاصة في قسمي السياحة والضيافة، وخاصة ان المنطقة تفتقرها ،ونجاحها بهذا الشكل هي رسالة للعالم ان زوارة بإمكانها اقامة هذه المحافل وانها تنبض بالحياة رغم كل شيء.
يؤكد هانيبال ان كل الصعاب التي واجهتهم سواء في الامكانيات المادية او المعنوية مما تعرضوا له من نقد باعتبارهم اول من قاموا بهذا العرض في المنطقة ،زال همها وهو يرى جُهده وجُهد رفاقه يُتوج بهذه الامسية الثقافية وتحقيق الهدف المنشود هو التعريف وإبراز أصالة وخصوصية الزي التقليدي وترسيخه في ذاكرة الأجيال القادمة بما يسهم في تجسيد الهوية.