وفي نفس الإطار، عقد ببلدية طرابلس المركز، في اليوم السّابق لقرار المجلس الرّئاسي، اجتماع ضم كل من عضوات بلدية طرابلس المركز رفقة شخصيات نسائية من طرف المجلس الاعلى للدولة لمناقشة تكوين وانشاء وحدة دعم المرأة وللعمل على تقديم تعديلات في بعض الجوانب التي في حاجة للتغيير. وبحسب المكتب الاعلامي لبلدية طرابلس، فإن الاجتماع يأتي في إطار حملات تسعي لدعم المرأة في المناصب القيادية ومواقع صنع القرار لتأهيلها والارتقاء بفكرها وتمكين المرأة من الوصول لمواقع ومناصب قيادية في مؤسسات الدولة. وأضافت البلدية عبر صفحتها الرسمية بـ”فيسبوك” أن هذه الاجتماعات تسعى الى خلق توازن في المؤسسات ما بين الرجل والمرأة والتناوب الوظيفي بينهم بما يتناسب مع الكفاءات العالية للنساء والتفوق في العمل، وخلق مشاركات في الانتخابات.
ودائما في إطار النّهوض بالمرأة اللّيبيّة وتشريكها في صنع القرار، نظّم البرنامج الإقليمي للتمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة في منطقة جنوب البحر المتوسط "قفزة النساء للأمام"؛ وهو برنامج إقليمي مشترك للاتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة يموله الاتحاد الأوروبي، عُقد اجتماع لمدة يوم واحد في تونس العاصمة في 7 سبتمبر 2016، تحت عنوان "ضمان مشاركة متساوية للمرأة مع الرجل في المرحلة الانتقالية وعملية السلام والقضايا الإنسانية في ليبيا". هدف الاجتماع إلى ضمان مجالات للمشاركة الفاعلة والمتساوية للنساء في العمليات الإنسانية والانتقالية وإحلال السلام، وذلك عبر أربعة مسارات: (أ) إعادة بناء الدولة، (ب) الحماية، (ج) الوقاية، (د) المشاركة.
ويندرج هذا البرنامج في إطار التزام الاتحاد الأوروبي بتعزيز حقوق المرأة ليس فقط بوصف هذا الأمر هدفاً بحد ذاته، بل أيضاً لأن النساء قادرات على العمل كفاعلات بارعات في التنمية الاقتصادية. ففي 2014، أجرى الاتحاد الأوروبي تحليلاً جنسانياً موسعاً للسياق الليبي ولاستراتيجية الاتحاد الأوروبي في ليبيا. خلص التحليل إلى أن النساء في السياق الليبي يصارعن لضمان مكان لهن في عمليات صنع القرارات السياسية والعامة، وفي المجال الاقتصادي. كما تفتقر النساء الوعي والخبرة في المشاركة المدنية والسياسية. يؤثر الوضع الأمني السلبي المتعثر سلباً على مشاركة النساء، كما يحد من قدرتهن على العمل، وتمتعهن بالصحة والسلامة وحريتهن في التنقل. كوسيلة للمضي قدما، سيواصل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الدفاع بقوة عن إقرار دستور يراعي النوع الاجتماعي؛ وسوف يعملون معا على تشجيع مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار، كما سيتعاونون من أجل القضاء على العنف القائم على أساس النوع، ومعالجة الفجوات بين الجنسين في مجال التعليم، والتدريب المهني، والإدارة العامة، وفرص العمل.
ولضمان فاعليّة أكبر لهذا النّشاط وقع استضافة نساء ليبيات من داخل ليبيا وخارجها، ومشاركون من المجتمع المدني، ووكالات الأمم المتحدة، والجهات المانحة، والمنظمات غير الحكومية الدولية. وركز المشاركون على تعزيز الربط الشبكي، وتبادل المعارف والخبرات بشأن القضايا الرئيسية المتصلة بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. تحدثت النساء الليبيات خلال الاجتماع عن خبراتهن، مما شكّل فرصة لتحديد الخطوات الملموسة التي يجب القيام بها من أجل ضمان المشاركة السياسية المتساوية والفاعلة للنساء على امتداد سلسلة الأنشطة الإنسانية – الإنمائية. وقال محمد الناصري، المدير الإقليمي للدول العربية في هيئة الأمم المتحدة للمرأة: "لقد أثبتت تجربة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في دعم مشاركة النساء في عملية صنع القرارات برمتها، أن النساء يمتلكن القدرة على تحقيق السلام والأمن لشعوبهن".
وقد شاركت النساء الليبيات وممثلو الهيئات الوطنية والدولية في نقاش حول مسودة الدستور، وحددوا عناصر أساسية في الدستور بوسعها دعم المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وأكدوا على أن المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة يمثلان وسيلة أساسية لتحقيق السلم والأمن، وحقوق الإنسان، والتنمية المستدامة. وناقش المشاركون كيفية إشراك الرجال كشركاء من أجل تحسين الوقاية والحماية وتعزيز مشاركة النساء في ليبيا. وحدد المشاركون الآليات اللازمة من أجل ضمان حماية النساء من العنف والتمييز، وبصفة محددة، لتشجيع ودعم الشابات للمشاركة في عمليات صنع القرار في ليبيا.
وللتّذكير فإنّ البرنامج الإقليمي للتمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط "قفزة النساء للأمام" يوفر آلية لتعزيز التمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط. يدعم البرنامج (2012-2016) النساء في جميع أنحاء المنطقة، مع التركيز على البلدان ذات الأولوية التي تمر باضطرابات ومرحلة انتقالية وإصلاح، مثل مصر والأردن وليبيا وفلسطين وتونس، ليكون لديهم نفوذ أكبر في صياغة مستقبل بلادهم وحماية مكاسبهم السابقة. وهو يربط أصحاب المصلحة لضمان أن النساء المهمشات في هذه البلدان تتلقى خدمات بناء القدرات، والدعم والتأييد، والمعلومات والشراكات التي تعالج الحواجز التي أعاقت وصولهن ومشاركتهن في الحياة الاقتصادية والحياة العامة. ويتم تمويل البرنامج من خلال مساهمة بمقدار 7 مليون يورو من آلية الجوار والمشاركة الأوروبية ENPI) و1.2 مليون يورو من الميزانية الأساسية الخاصة بالأمم المتحدة للمرأة.
ورغم مختلف هذه البرامج، تبقى المرأة اللّيبيّة فعليّا بعيدة عن مواطن القرار، حسب النّاشطة المجتمعيّة فاطمة غندور. فهي تؤكّد لمراسلة أصوات الكثبان : "كلام النّدوات جيّد وجميل. لكنّ المسيرة عسيرة على المرأة اللّيبيّة للمشاركة في صنع القرار".