ويعانى المركز الطبي الكثير من المشاكل خاصة منذ ثورة 17 فبراير. معاناة تقاسمها على السواء المواطنون و الأطقم الطبية بعد ان تجاوزت طاقته القصوى في استقبال المرضى والمصابين. فالأسرة أصبحت لا تكفي وغرف العناية اصبحت مكتظة بالمرضى والمصابين القادمين من جبهات القتال ومن حوادث السير الشبه يومية حسب مدير المركز فرج الجالي الذي اضاف ان المعادلة تغيرت بين الآمال في الارتقاء بالخدمات الصحية التي يقدمها المركز للمواطن وتدهور الاوضاع وسط الفوضى العارمة ونقص الإمكانيات من الأدوية والمعدات الطبية.
و يتابع المدير " تواصل هذه الوضعية دفعت ادارة المستشفى الى طلب التدخل من وزارة الصحة و رئاسة الوزراء لتقديم الدعم المادي والمعنوي للمستشفى ولكن عدم توفر الميزانية لوزارة الصحة اصبح حائلا بيننا وبين توفير ما نحتاجه من ادوية ومعدات طبية اصبحت شبه معطلة لاسيما معدات جراحة العظام ومادة البلاتين الضرورية في معالجة الاصابات.
احد الاطباء الليبيين العاملين في غرفة العمليات قال "ان أكبر المشاكل التي تعترض الاطقم الطبية هي نقص مادة التخدير وانتهاء صلاحية بعضها مما يضطرنا الى عدم المجازفة بإجراء العمليات مع ما يترتب عن ذلك من معاناة للمرضى والمصابين اضف الى ذلك نقص الأسرة داخل الغرف وانتشار الفوضى من بعض المواطنين القادمين خاصة من الغرب والجنوب"
ويتضاعف خوف هذه الطواقم المحلية والاجنبية عندما تشتد الحرب في المدن المجاورة وسط فوضى السلاح والعجز عن تقديم الاسعافات اللازمة للجرحى والمصابين.
انعدام الامن بالمستشفى وغياب الحماية للعاملين به مشكل اخر ينضاف الى هذه المشاكل حيث تقول ممرضة ليبية تعمل بالمستشفى منذ اكثر من 20 سنة : "ان نقص رجال الأمن داخل المستشفى يحول بيني وبين اداء عملي خاصة في الفترات الليلية التي تكثر فيها الاعتداءات من بعض الشباب وسط غياب كلي للأمن داخل المركز الطبي".
طبيب اخر قادم من احد المدن يقول "عملت لعدة اشهر بهذا المركز الا انني غير راض عن وضعي لضعف التأجير ما اضطرني الى الانتقال الى احد ى العيادات الخاصة لكي اقدر على الوفاء بالتزاماتي العائلية و سداد ايجار البيت"
وقد فرض تدهور سعر الدينار الليبي امام الدولار اشكالات كبرى للطواقم الاجنبية وحتى الليبية. في هذا الصدد، يقول احد الاطباء الاجانب : "عملت في مدينة طبرق لأكثر من 20 سنة ويشهد لي الجميع بكفاءتي وإدارة المركز متعاونة معي وكذلك اصدقائي بالمدينة الا ان السنة الماضية عرفت تحولا نوعيا في مسار حياتنا الطبيعي اذ لم اتمكن انا و 137 طبيب وممرض وفني من بعض الدول الأوربية والأسيوية من تحويل مرتباتنا بالعملة الصعبة فسعر الدولار بلغ في السوق السوداء اكثر من 3 دنانير وفي المصارف اكثر من دينارين مما جعلنا غير قادرين على القيام بالتحويلات المطلوبة لعائلاتنا"
هذه الصعوبات انعكست على اراء المرافقين والمرضى فاحد متساكني مدينة طبرق والذي رافق والده للعلاج بالمستشفى يقول : "بقيت مع والدي المريض والكبير في السن داخل المركز الطبي اسبوعين في انتظار الدواء ولم نتحصل عليه فالمستشفى يعاني نقصا كبيرا في الادوية ورغم ان إدارة المركز لم تدخّر جهدا في مساعدتنا الا ان الطلبات لا تغطي الحاجة. بدأت افكر الآن في نقل والدي الي الجارة مصر عسانا نجد العلاج اللازم رغم تدني مستوى الدينار الليبي امام باقي العملات"
في نفس السياق تقول مواطنة قادمة من احد المدن المجاورة : ابني الصغير يعاني من ثقب بالقلب ونحن ننتظر الطاقم الطبي الأمريكي المتخصص في جراحة القلب المفتوح للأطفال سمعت بأن قائمة الانتظار طويلة وقلب ابني الصغير لا يحتمل الانتظار .
يقول مدير المستشفى بخصوص هذه الحالة: "لدينا طاقم طبي امريكي زائر متخصص في جراحة القلب المفتوح للأطفال وقد اجرى الطاقم خلال 3 زيارات متتالية حوالي 85 عملية قلب مفتوح للأطفال من كل المدن الليبية وقد كللت كلها بالنجاح بفضل الله الا حالة واحدة لطفل من مدينة طبرق وكان لوفاته بالغ الاثر على الطاقم الطبي الأمريكي والأطقم الليبية المتعاونة معه من بنغازي وطرابلس .
مجمل هذه العوامل جعلت مركز طبرق الطبي شاهدا على واقع مرير يعيشه المواطن الليبي و الاطقم الطبية الليبية والمغتربة على السواء بسبب نقص الامكانيات والمعدات والادوية اللازمة وتراكم المشاكل اليومية في انتظار حل قد يأتي وقد لا يأتي.