هم مغاربة العراق الذين سافروا بداية سنوات الثمانينيات نحو بلاد الرافدين، بطلب من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وذلك بموجب اتفاقية (يتوفر الموقع على نسخة منها)، تمنح لمئات العائلات المغربية فرص عمل في مختلف المجالات منها الاستثمار في الإنماء الزراعي. وعدهم حينها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين رفقة أشقائهم العرب والمغاربة بتعويض عن خسائرهم طلية سنوات الحصار والحروب.
سقط صدام، غزت القوات العراق، وظل هؤلاء يشتكون عدم تنفيذ الوعد، على الأقل حسب تصريحات عدد من المغاربة.
سالم هو أحد من هاجروا من منطقة زاكورة (جنوب المغرب) عام 1982، رفقة 35 عائلة أخرى.
يحكي سالم وهو يتحسر على سنوات الوصول إلى العراق، كيف أن الثلاثة الأيام الأولى كانت تبشر بسنوات حصادها لن يبور، وأرباحها أصابتها لعنة الحروب التي أدخلت البلد في نفق مظلم، يصفه سالم بالوباء الذي قطع أرزاق المئات من الأسر المغربية ومعهم الآلاف من الأسر العربية والمغاربية.
وأشعل نار الحسرة على سنوات الاستثمار والعمل الزراعي عند سالم ورفاقه الذين عادوا من العراق، تصريح وزيرة القوى العاملة والهجرة المصرية ناهد عشري (يتوفر الموقع على نصه كاملا من مصادرة خاصة)، والذي أكدت فيه توفر الوزارة على 3672 شيكا من تعويضات المصريين الفارين من حرب الخليج الثانية. وأطلقت نداء للبحث عن أصحاب الحق في التعويض منذ شهر غشت/أغسطس المنصرم.
وجاء إجمالي المستحقات والمعاشات التقاعدية للمصرين حسب نص تصريح الوزيرة ناهد عشري منذ حرب الخليج الثانية عام الـ 1990 قرابة الـ 60 مليون دولار، موجهة لنحو 1500 مستفيد بالقطاعين العام والخاص.
هذا التصريح دفع سالم ورفاقه للبحث عن تعويضاتهم لدى المصالح الحكومية المغربية المختصة و لكنهم لم يحصلوا على أي رد واضح يشفي غليلهم.
ويوضح سالم، في هذا الصدد أن الاتفاقية بين المغرب والعراق نصت على أن يستفيد كل مقيم في العراق للعمل هناك، على المنزل الذي منح له، بالإضافة إلى الأرض الزراعية، شريطة استقراره هناك لأكثر من عشر سنوات. وقد قضى سالم ومن معه أكثر من عشر سنوات بكثير.
قاوم سالم حسب روايته حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران. تعلم حينها فنون الهرب من الموت، وطبقها بشكل أكثر احترافية مع حرب الخليج الثانية، لكن شدد على عدم قدرته هو ورفاقه على العودة لممارسة فنون الهرب من الموت بعد العام 2003، والسبب بحسبه تعدد مصادر الموت في البلد الواحد.
ويحمل سالم المسؤولية للمسؤولين المحليين في مسقط رأسه زاكورة. حيث أنه بعد تغيير طرأ على رأس إدارة الجهة تغيرت الأمور كثيرا وانقطعت التعويضات التي كانت تمنح للأسر من طرف الدولة المغربية في حدود 800 درهم شهريا (قرابة الـ 85 دولار أمريكي) إضافة إلى المنازل التي كانت قد اكترتها لهم الدولة بأقساط شهرية في حدود 400 درهم (أكثر من 42 دولار أمريكي).
حكاية سالم ورفاقه في العراق ابتدأت بأمل تحسين ظروف المعيشة وانتهت بالإحساس بالضياع والبحث عن ما يصفه بسراب تعويض لضحايا حروب لم يكن لهم مصالح فيها.
ضاعت ممتلكات سالم ورفاقه، وحتى الصورة الوحيدة التي توثق لفترة تواجدهم في العراق فوق أراضيهم الزراعية التي منحت لهم، ضاعت، وهي الصورة التي التقطت عام 1987 يقفون فيها جنبا إلى جنب، مع وزير الشؤون الدينية المغربية والسفير المغربي في العراق، و محافظ منطقة "الكوت" البعيدة عن العاصمة العراقية بغداد بـ170 كيلومترا.
لاتزال المنطقة حيث كان سالم قبل الفرار من الأوضاع العراقية تنعت بـ"إقامة المغاربة"، اسم لم يشفع لهم بعد بالحصول على تعويضات لما ضاع منهم بسبب الرصاص والصواريخ والصراع الدائر في البلد إلى اليوم.