فتيحة العزيز مصابة بسرطان الثدي، قادمة من الخميسات لتلقي العلاج الكيميائي بمستشفى مولاي عبد الله، وتستقر حاليا بالرباط بمركز جمعية جنات لايواء مريضات السرطان بالمجان.
ست سنوات من العلاج، لم تفلح في شفائها التام من داء السرطان، فتيحة العزيز اربعينية مصابة بسرطان الثدي.
بعيدا عن قريتها بالخميسات، كانت فتيحة مضطرة للتنقل اربع مرات اسبوعيا لتلقي العلاج بمستشفى مولاي عبد الله. تحكي فتيحة:" كنت اضطر الى التنقل بلا توقف بين الرباط والخميسات، وقد كان الامر متعبا بالنسبة لي خاصة بعد خضوعي لحصص العلاج الكيميائي المنهكة"، كما اكدت فتيحة ان اصابتها بالسرطان لم تكن معاناتها الوحيدة خاصة ان اوضاعها المادية كانت صعبة اضافة الى مشاكل تتعلق بايجاد سكن قريب من المستشفى والاهم بثمن مناسب لقدراتها المادية.
قصص متشابهة، ترويها نساء قادمات من مناطق مختلفة من المغرب لتلقي العلاج من داء السرطان بالرباط، تجمع جلها على تركز مراكز العلاج بالمدن المركزية من جهة وارتفاع تكاليف العلاج من جهة اخرى.
فتيحة حمرو هي الاخرى مصابة بداء السرطان، الا ان اصابتها لم تكن مشكلتها الوحيدة عندما تخلى عنها زوجها ليتركها وحيدة في مواجهة ظروف قاسية ومرض فتاك، هذه السيدة الثلاثينية اصابها السرطان برجلها اليمنى بعد حادثة سير مروعة اودت بحياة ابنها وابنتها لتنقلب بذلك حياة فتيحة راسا على عقب، " سوف اضطر الى بتر رجلي كاملة لذلك انا بامس الحاجة لان توفر لي وسيلة للتنقل لاتمام علاجي" اردفت فتيحة حمرو وهي تبكي بحرقة، كلمات بسيطة لكنها تحمل في طياتها معاناة ومخاوف مما قد يحمله الغد اليها.
تكاليف العلاج الباهظة، لم تترك خيارا لكل من فتيحة العزيز وفتيحة حمرو سوى اللجوء لجمعية جنات لايواء مريضات السرطان بالرباط. رئيسة الجمعية السيدة خديجة القرطي جعلت من مركز الجمعية الذي يتوفر على طاقة استيعابية تصل الى خمسين امراة فقط، فضاء للحصول على الدعم النفسي وكذا لحظات فرح عابرة تمثلت في انشطة دورية تروم الترفيه عن المريضات.
رئيسة جمعية جنات لايواء مريضات السرطان بالمجان بالرباط السيدة خديجة القرطي،
كانت قد وهبت منزلها الخاص للمريضات بعد وفاة كل من زوجها واختها بعد صراع طويل مع داء السرطان.
تقول /امي خديجة/ كما يحلو للمريضات مناداتها، ان السبب الذي جعلها تهب بيتها لايواء مريضات السرطان كان اصابة زوجها واختها المتوفيين بهذا الداء، ماجعلها تحس بمعاناة المرضى المصابين بالسرطان ومايواجهونه من صعوبات في توفير تكاليف العلاج والسكن والتنقل بين سكنهم الاصلي ومكان العلاج.
الدكتور خليل السواس شدد بدوره على مدى اهمية استقرار الجانب النفسي في فترة علاج المرضى من داء السرطان خاصة اذا كان هؤلاء المرضى من فئات المجتمع الهشة وبعيدا عن عائلاتهم، الامر الذي يستوجب، حسب رايه حضور الدعم النفسي والمواكبة الصحية والاهم توفير برامج دورية للترفيه عن هذه الفئة.
تركز مراكز العلاج اذن بالمدن الرئيسية وغيابها بباقي المدن، اضافة الى غياب مراكز مخصصة لاستقبال مرضى السرطان القادمين من مناطق بعيدة، مثل مقرّ جمعية جنات بالرّباط لايواء مريضات السرطان بالمجان، هذا المقر الذي لا تتجاوز طاقته الاستيعابية 50 امراة، والّذي أصبح بالنسبة لهؤلاء النساء فضاء حميميا يمكنهن من متابعة حياتهن ومزاولة مهامهن اليومية بشكل طبيعي.
قلّة عدد المراكز المخصصة لاستقبال المرضى إلى جانب غياب الدعم الاسري، هي عوامل تزيد من حدة هذا المرض كما تستنزف القدرات المادية والمعنوية للمرضى.