وتقول مريم الصباري، إحدى الشابات من ساكنة إميضر، "إن الشركة سلبتنا ما وهبته لنا أرضنا، وما تركه لنا أجدادنا ولم تترك لنا غير التلوث والمعاناة. كل هذا جعل أرضنا تغدو قاحلة وخالية من الحياة"، وتضيف أن أرض أجدادها لم تكن قاحلة كما تبدو اليوم، بل كانت تتغلغل بالمياه "نعرف لِمَ استقر آباؤنا في هذه الأرض، لأنهم علموا إن حفروها سيجدون ماء، كما علموا أن الثلوج التي تتساقط على جبالها ستذوب وتأتينا بماء، لذلك تركوا لنا خطارات قديمة أحيت لنا جنة خضراء لعقود من الزمان".
وتردف الصباري خلال تعليقها على الشريط الذي يعرض مشاهد تقارن بين ماضي الجماعة القروية وحاضرها، قائلة: "اليوم لا نعرف أنجد ماء إن حفرنا أرضنا أم لا، وهل ستستمر الثلوج في التساقط فوق الجبال، وفيما إذا كانت الخطارات ستستمر في التدفق بالماء أم لا"، ثم واصلت "لا نعرف لأن مواردنا المائية وأرضنا يسرقان ويلوثان ويدمران من طرف شركة مناجم الفضة".
واستطردت "نحن لا نرى إيجاد الحل لمشكلتنا في عقد الندوات وإلقاء الخطابات ولا نراه في تقديم الوعود، كما أن تسوية قضيتنا لن تأتي عن طرق مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "cop22"، ولن تأتي من الأعلى؛ لأنه لن يأتي بالدواء من خلقوا الداء، أو ممن يستفيدون منه"، على حد تعبير الصباري، التي خلصت بالقول: "الحل إذن ستجدونه معنا نحن الذين نتواجد على بعد 300 كيلومتر جنوب مؤتمر المناخ".
ويخوض العشرات (الشباب والكهول والنساء والرجال) من ساكنة إميضر اعتصاما مفتوحا على قمم جبال ألبان منذ فاتح غشت/ أغسطس 2011، حيث يوجد صهريج إسمنتي منعوا تدفق مياهه إلى أنابيب شركة مناجم الفضة بعد تأثر النشاط الزراعي، ومنذ ذلك الحين ظل السكان يتناوبون على حراسته، وفي المكان نفسه نظموا أشكالا احتجاجية ينددون من خلالها باعتقال عدد من نشطاء حركة على درب 96، ويطالبون بالإفراج عنهم، واعتبروا أن الاعتصام سبيل لتحقيق الكرامة والاستجابة لمطالبهم.
كما كان السكان يطالبون بوقف استنزاف الثروات الطبيعية بالمنطقة خصوصا المورد المائي الذي يعتبرون أنه يستنزف "بطريقة غير مشروعة"، إضافة إلى ضرورة تحقيق تنمية حقيقية، من أجل النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لساكنة المحيط المنجمي، الذين تعتبر الزراعة من أهم مواردهم الاقتصادية.
يحكي إبراهيم أداود، أحد أعضاء لجنة تنظيم اعتصام ألبان، "نحن معزولون عن السير العادي للحياة، حيث لا كهرباء ولا صرف صحي، كما أن شبابنا يعانون من البطالة ويضطرون إلى السفر من أجل البحث عن العمل. رغم أن أبناء المنطقة يتوفرون على كفاءات إلا أن الشركة تقصي اليد العاملة المحلية في التشغيل، إذ إن 14 في المائة هي نسبة أبناء الجماعة الذين يشتغلون في المنجم، في حين أن نسبة 75 في المائة من العمال ينحدرون من مناطق أخرى".
ومن جانبه، يقول محمد زهير، عضو لجنة تنظيم اعتصام إميضر "شركة منجم الفضة تستنزف المياه الجوفية بالمنطقة بشكل غير قانوني، وهو ما تسبب في انخفاض منسوب الخطارات بنسبة تصل سنة 2005 إلى 63 في المائة، إلى جانب تلوث الماء بسبب الاستخدام المكثف لمعالجة المعادن".