"منير كجي" شاب أمازيغي ينحدر من مدينة "كلميمة" الواقعة جنوب شرق المغرب، سخر حياته لخدمة القضية الأمازيغية، فلا يكاد يُعقد اجتماع أو مسيرة أو لقاء لمناقشة هذه القضية إلا كان حاضرا سواء داخل المغرب أو خارجه. يرى "منير" أن التمثيلية السياسية للقضية الامازيغية لم تكن يوما مشكلا إثنيا أو لغويا فحسب، بل هو مشكل سياسي، سوسيو-اقتصادي طُرح منذ استقلال المغرب الذي اعتمد إيديولوجية إسلامية-عربية، قصت الأمازيغ بشكل مباشر من مغربيتهم وهم مكون أساسي بالمجتمع المغربي، بل الساكنة الأصلية للبلد، وجعلتهم فجأة غير قادرين على ولوج الإدارات العمومية لقضاء وثائقهم، أو للمحاكم التي اعتمدت بدورها اللغة العربية كلغة وحيدة لإصدار الأحكام و القرارات مما خلق قطيعة إبستمولوجية بين القضاء والأمازيغ الغير الناطقين بالعربية .
ولعل دسترة اللغة الأمازيغية الذي أتى في خطاب ملك المغرب سنة 2011 والذي تتماطل الحكومة الحالية و المشرفة على انقضاء ولايتها، بقيادة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي السيد عبد الإله بنكيران في تنزيل قانون تنظيمي للغة الأمازيغية كلغة رسمية ثانية للبلد، رغم أن مطلب الدسترة مطلب قديم نشأ بنشوء أول دستور للمملكة سنة 1962 عكس ما يدعي البعض –حسب تصريح منير كجي- أنه مطلب يعود إلى ميثاق أكادير الذي أصدرته ست جمعيات أمازيغية في الخامس من غشت سنة 1991، وشكل هذا الميثاق نواة أولية لميلاد "التنسيق الوطني للجمعيات الثقافية الأمازيغية" في صيغته الأولى سنة 1994. يشار إلى أن هذا الميثاق طالب بعدة أمور من ضمنها إدماج اللغة الامازيغية في التعليم.
و في هذا الإطار يصرح السيد "عبد العالي تالمنصور" منسق ماستر الدراسات الأمازيغية بجامعة إبن زهر، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، أن الماستر مر بثلاث نسخ ابتدأ سنة 2006 و يمر الآن بمنتصف نسخته الثالثة مع العلم أن كل نسخة تستغرق أربع سنوات.
وأضاف السيد "عبد العالي" أن التكوين كان يقتصر في نشأته على اللسانيات فقط، و الآن تم توسيعه ليشمل تخصصات أخرى كالأدب و الأنثروبولوجيا وغيرها، كما أصبح هذا التخصص الجديد يُقصد من غير الأمازيغيين نظرا لتوجه المغرب للانفتاح على هذه الأقليات وخلق منابر و مؤسسات تخدم هويتهم وثقافتهم.
و يرى الناشط الأمازيغي "منير كجي" أن القضية الأمازيغية لم تتحقق بدسترة اللغة الذي لم يُفَعل بعد أو بخلق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي ينحصر دوره في الشق الأكاديمي من إعداد الكتب و الوثائق المسهلة لدمج اللغة في التعليم، بل على العكس من ذلك يرى الناشط الأمازيغي أن تخاذل الحكومة عن تنزيل قانون منظم للغة و عدم التزام القناتين التلفزيتين الأولى والثانية باتفاق الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري المعروفة اختصارا ب"الهاكا"، بتخصيص نسبة 30 بالمئة من المنتوج التلفزي للأمازيغ. ويضيف "منير" بحرقة غير خافية: " كل المطالب المحققة على أرض الواقع أو التي ستحقق لن تساوي شيئا ما دامت البنية التحتية للمناطق الأمازيغية للمغرب خاصة الجنوب الشرقي والأطلس المتوسط تعيش وضعية "القرون الوسطى"، بعضها يرجع إلى عهد الحماية الفرنسية."