جراح عميقة على مستوى الرأس و الساقين و الفخذ. و لئن تلقت أميرة العلاج و التلاقيح اللازمة إلا ان الحادثة لم تغب عن ذهن الصغيرة التي اضحت تعاني اضطرابات نفسية و أضحت الكوابيس تلازمها بحسب ما صرح به والدها لأصوات الكثبان السيد محمود اسودي.
دمعت عينه و هو يروي آلام ابنته التي كافحت برد الشتاء القارص بجسد شبه عار لوضعها الاجتماعي الهش إلا انها لم تيأس و لم تتذمر يوما فقط هي ترنو إلى مستقبل أفضل بالعلم. و يقول محدثنا" جراح عميقة برأس أميرة و آثار أسنان الكلاب لم تغب عن جسدها و لولا تدخل شقيقها لما ..." يصمت قليلا و الدمع ينهمر من عينه و يمضي قائلا " الخطر يحيط بأبنائنا من كل مكان فتحت الجبل نعيش ويكابد أبناء هذه المنطقة (منطقة السويدات من معتمدية حاسي الفريد) عناء كبيرا للوصول الى مدارسهم. كلاب سائبة و مسالك وعرة تتحول الى مستنقعات و اوحال بمجرد هطول الامطار و أكثر من ذلك تلك المسافات الطويلة التي يقطعها التلاميذ للوصول الي المدارس ."
معاناة يتكبدها أغلب أطفال المناطق الريفية بولاية القصرين خاصة مع تكرر الحوادث التي أحبطت عزائم التلاميذ لطلب العلم و المعرفة ليصل عدد المنقطعين عن الدراسة بهذه المنطقة ألفي منقطع ( أرقام المندوبية الجهوية للتربية بالقصرين لسنة 2015) ..و تتلخص الأسباب حسب تصريح السيد لطفي النصرلي المندوب الجهوي للتربية بالقصرين لأصوات الكثبان في بعد المسافات و الظروف الاجتماعية الصعبة لأهالي المناطق الريفية .
و يضيف السيد لطفي النصرلي " الأمر يتطلب تدخلا من الجميع و حلولا جذرية لتذليل الصعوبات و انقاذ التلاميذ من المخاطر التي تحيط بهم " مشيرا إلى حادثة الكلاب السائبة التي نبشت جسد أميرة .و أكد السيد لطفي أن وزارة التربية ساعية لبعث ديوان للخدمات المدرسية من شأنه أن يوفر خدمات متعددة خاصة لفائدة أطفال المناطق الريفية من أهمها تأمين النقل.
إلا أن السؤال المطروح متى سينطلق عمل هذا الديوان تساؤل طرحه السيد يوسف العبيدي الكاتب العام لنقابة التعليم الاساسي بالقصرين الذي أبدى استياءه من تلك القرارات المؤجلة التنفيذ معتبرا ان التلميذ دائما يتحمل مسؤولية تقصير المسؤولين. يقول السيد يوسف العبيدي لأصوات الكثبان " أميرة لخصت المعاناة اليومية لتلامذة المناطق الريفية الذين يقطعون يوميا مسافات طويلة ( خمس كلمترات او اكثر) للوصول إلى المدرسة ما يجعل نسب الرسوب مرتفعة إضافة لتنامي ظاهرة الانقطاع المبكر عن الدراسة بهذه المناطق لهذه الاسباب ." و طالب السيد يوسف العبيدي تدخلا عاجلا و جديا للحكومة التونسية ممثلة في سلطاتها الجهوية ووزاراتها لإنقاذ ابناء المناطق الريفية من مخاطر المسالك المؤدية الى المدارس.
ولاية القصرين التي تضم أكثر من 400الف ساكن ستون بالمائة منهم يعيشون بمناطق ريفية تضم قرابة مائتين و خمسين مدرسة تفتقر أغلبها إلى أسوار ومياه صالحة للشرب إضافة إلى بنيتها التحتية المهترئة ...