وحاصرت مياه الامطار القصر الرئاسي وسط نواكشوط وأغلب الوزارات ، مما شكل حرجا للسلطات الموريتانية التي استقبلت بقصر المؤتمرات وفود الدول العربية المشاركة في القمة العربية السابعة والعشرين والتي احتضنتها نواكشوط يوم 25 جويليه.
وتسببت مياه الامطار في قطع الطرقات بين أحياء العاصمة ، ما أدى الى تعطل الحياة بشكل واضح ، حيث أغلقت العديد من الأسواق ابوابها في انتظار شفط السلطات للمياه الآسنة التي احتلت الاسواق والساحات الرئيسية ، خاصة في نواكشوط الغربية والشمالية.
وتفتقد العاصمة نواكشوط التي تأسست عام 1960 ، لوجود شبكة صرف صحي ، مما جعلها عرضة للغرق مع كل موسم خريف .
ويقوم المكتب الوطني للصرف الصحي سنويا ، بجهود بدائية لمواجهة هذا الوضع الكارثي ، تمثلت في تحريك عشرات الشاحنات لشفط المياه عن الشوارع الرئيسية.
وعن تلك الجهود ، يؤكدُ الصحفي "احمد أمين" لـ"أصوات الكثبان"انها غير كافية ، مستغربا من وجود عاصمة في القرن الواحد والعشرين بدون صرف صحي.
ويعزي"احمد أمين" غياب صرف صحي في بلاده الى الأنظمة المتعاقبة التي فشلت في بناء بنى تحتية حتى الآن ، رغم وضع الحجر الاساس لبناء شبكة صرف صحي مطلع عام 2015 ، ومنذ ذلك التاريخ لم تبدأ حتى اشغال تلك المنشأة ، مما جعلها مجرد حبر على ورق ، كغيرها من المشاريع الوهمية على حد تعبيره.
بدوره المدون والناشط الشبابي "كريم الدين محمد " ، اعتبر أن الأموال تبدد وموارد الدولة تستنزف على مدار عقود ، دون أن تكون هناك بنى تحتية أو صرف صحي .
ويستغرب "كريم الدين" من صرف الحكومة لمليارات الاوقية في تجهيزات القمة العربية ، في حين أن الدولة عاجزة حتى عن توفير منشآت تحفظ للمواطنين ماء وجههم أمام الزوار.
وفي هذه الصدد تقول المواطنة"هدى منت أحمد"لـ"أصوات الكثبان" انها تأسف لواقع عاصمتها التي تغرق مع أول زخة مطر ، وتضيف:"كل مدن العالم تفرح بسقوط الأمطار ، إلا سكان نواكشوط تُحَوِلُ حياتهم الى جحيم لايطاق ،هذا وضع كارثي ، على الدولة أن تحل هذه المشكلة في أقرب وقت ، لأننا سئمنا الوعود الكاذبة" .
وتتجاوز مخاطرُ غياب الصرف الصحي الناحية الجمالية للعاصمة نواكشوط ، الى تهديد ساكنيها بأمراض وأوبئة جراء البرك والمستنقعات.
وتعليقا على الموضوع ، يقول الدكتور"عبد السلام ولد سيد محمد" لـ"أصوات الكثبان" ، ان غياب شبكة حقيقية للصرف الصحي فتح المجال واسعا أما مجاري الصرف الصحي المنزلية التقليدية التي يشيدها سكان العاصمة بشكل عشوائي، ويتمثل خطر هذه المجاري في قربها عادة من أنابيب مياه الشرب الأمر الذي يؤدي إلي تسرب الجراثيم والميكروبات الضارة إلى شبكة المياه بعد نزول المطر .
وشكل غياب صرف صحي كارثة حقيقية ، وفق "ولد سيد محمد" ، بعد تسبب المستنقعات في تلوث مياه الشرب في عدة أحياء من مقاطعة السبخة والميناء وهو ما زاد في ظهور حالات اصابة في نواكشوط بأمراض مثل الكوليرا والبلهارسيا والملاريا ومرض دودة غينيا.
ورغم الانتقادات التي وجهت لحكومة موريتانية الحالية بسبب غياب شبكة صرف صحي ، الا أنها وقعت اتفاقية عام 2015 مع الشركة الصينية "سي تي أه" لتنفيذ هذا المشروع خلال 36 شهرا.
وتتمثل الاتفاقية المذكورة التي مازالت قيد التنفيذ ، في انشاء شبكة لتجميع المياه المطرية في المناطق المنخفضة والمحاور الرئيسية ، تغطي مساحة تزيد على 15 كلم2 و يبلغ طول القنوات 34 كلم من الأسمنت المسلح.
وستمكن هذه المنظومة وفق القائمين عليها من ضخ كمية إجمالية تقدر ب 225000 م3 يوميا ، مما يسمح بامتصاص تساقطات مطرية كميتها 50 مم في أقل من 5 ساعات.
وفي انتظار الشروع في تلك المنشآت الهامة، يبقى انشاء شبكة صرف صحي ،حلما طالما راود سكان العاصمة نواكشوط البالغ تعدادهم حوالي مليون نسمة.