وينقسمُ سكان الريف في موريتانيا الى منمين يعتمدون في حياتهم على تربية المواشي وبيعها طوال العام ،وفلاحين يستغلون فرصة موسم الامطار في فصل الخريف لزراعة أراضيهم وبيع محصولها .
وبحكم غياب مساحات محددة للمراعي وتداخلها مع المساحات المزروعة من قبل الفلاحين، سُجلت شكاوى عديدة لدى السلطات المحلية في محافظات البراكنة وغورغول من اعتداءات المواشي على مشروعات فلاحية ،وهو ما تسبب مؤخرا في عراك بالأيدي بين فلاحين ومنمين من قبيلة الفلان، أدى الى سقوط جرحى في صفوف الطرفين.
ومع ازدياد المخاوف من جفاف قد يضرب ولاية البراكنة العام المقبل بسبب نقص مياه الامطار هذه العام ،اضطرت عديد مجموعات القبائل في المنطقة الى تشديد المراقبة على مساحاتها الزراعية، خوفا على مزارعها ومراعيها من انتجاع ملاك الأعداد الكبيرة من رؤوس الماشية المنتمين إلى مجموعات قبلية أخرى تقطن في آدرار وانشيري.
ويقولُ المزارع "امبارك ولد احمد" من سكان "لمليزم" ان عشرات الأغنام تعود لمنمين من خارج قريته، اعتدت على مشروعه الزراعي وتركته خاويا على عروشه.
ويضيفُ" أمبارك" في حديثه ل"أصوات الكثبان"،بنبرة يسودها الغضب أن أتعابه وعائلته ذهبت أدراج الرياح بفعل عنجهية ملاك الحيوانات وانه فكر في قتل عدد منها انتقاما للعبث بمزرعته ،لكن خوفه من توتير الأوضاع ودخول السجن دفع به الى التراجع عن تلك الفكرة.
ويؤكدُ المنمي "محمد" أن الاعتداءات المتكررة من قبل مواشي المنمين على الاراضي الزراعية دفعت بعدد من الفلاحين سرا الى قتل ابقار واغنام تعود لمنمين كنوع من الانتقام ،خاصة في مقاطعة "أمبود" التي زارها مؤخرا وتقطنها غالبية من الفلاحين ينحدرون من شريحة العبيد السابقين .
ويروي "محمد"، كيف كاد أن يتطور الصراع بين الفلاحين من سكان قرية صنكرافة الاصليين والمنمين الوافدين اليها عند الكلمتر 5 الى حرب أهلية ،لولا تدخل السلطات المحلية.
ويضطرُ المزارعون الى ضرب حيوانات المنمين التي تتخلف عادة عن القطيع ،وفي بعض الأحيان يقومون بذبحها في الخفاء بعيدا عن أنظار ملاكها.
ويسجلُ في الخريف تزايد لحالات نفوق المواشي، يتهم "محمد" المزارعين من جيرانه بالوقوف وراءها، لكن في غالب الأحيان ينسب سبب وفاة المواشي المفاجئ الى نبتة "تنكيكيليت" السامة ،وذلك حرصا على اشاعة السلم الاهلي وخوفا من تأجيج نار الفتنة.
وتقدّرُ الثروة الحيوانية في موريتانيا بنحو 16.4 مليون رأس من الضأن والماعز و1.4 مليون رأس من الأبقار و1.4 مليون رأس من الإبل،وفي المقابل تتوفر موريتانيا على 140 ألف هكتار قابلة للاستصلاح ،غير أن المزروع من هذه المساحة الهائلة لا يتجاوز 30 في المئة مستغلة كلها لزراعة الأرز في الجنوب ، بينما يلجأ عديد الفلاحين في الشرق ووسط البلاد الى الزراعة الموسمية،خاصة في فصل الخريف موسم تساقط الامطار في موريتانيا.