ومن بين من تم إلغاء بطاقات ائتمانهم عائلة سمي ولت أولاغ التي فرت إلى امبره من مدينة لرنب قرب الحدود الموريتانية. تقول ولت أولاغ: "أنا قادمة من لرنب التي كنت أمارس فيها مهنة الرعي مع باقي أفراد أسرتي. لقد غادر الجميع المدينة بسبب انعدام الأمن، ولأني أم لسبعة أطفال لم أجد بدوري بدا من الفرار إلى موريتانيا. وقد قمت بتسجيل نفسي وأبنائي في مدينة فصاله الحدودية سنة 2012، قبل أن تقلني المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى مخيم امبره بعد ذلك بشهر. إلا أنني لم أعد أستفيد، منذ مارس 2013، من المؤونة التي تعطيها المفوضية شهريا للاجئين بمعدل 12 كلغ من الأرز وربع لتر من الزيت للفرد الواحد. ولذلك فإنني اليوم أعيش عالة مع أبنائي على بعض أقاربي الذين يعيشون في المخيم على نفقة المفوضية".
وحسب شهادات تم جمعها من المخيم، فقد شمل المنع أكثر من 100 شخص من اللاجئين الذين يبلغ تعدادهم 70 ألفا. وكما يؤكد شاهد عيان محلي: "فقد كانت توجد عائلات عديدة يشبه وضعها وضع عائلة سومي. بيد أن المفوضية قامت بإعادة تشغيل بطاقاتها الإلكترونية، على غرار أسرة أبو بكر آغ محمدون التي تقيم حاليا في مخيم امبره".
ومن بين الممنوعين من المعونة الغذائية عائلتا تانديا ولت هاشم وآغ عايشا ولت حمه المنحدرتين من مدينة تومبوكتو؛ حيث تصرحان بقولهما: "يقال إن السبب في وقف استفادتنا من الحصص التموينية الشهرية هو عدم إثباتنا لهويتنا المالية، والواقع أن المفوضية كانت سجلتنا في فصالة سنة 2012 كلاجئين ماليين. فإذا كان هناك من يقول عكس هذا، فعليه أن يثبته".
في موريتانيا، لا تمنح المفوضية السامية لشؤون اللاجئين صفة لاجئ سوى لأولئك الذين دخلوا البلاد عبر مدينة فصاله. أما الآلاف الذين فروا إلى موريتانيا عبر غوغي وسيلبابي والقرى الموريتانية المحاذية لمدينة خاي المالية، فإن المفوضية لا تهتم لشأنهم. وإذا كنا نعرف بالتحديد عدد اللاجئين المنحدرين من الشمال المالي إلى النيجر وبوركينا، فإن عددهم المعلن من طرف المفوضية في موريتانيا - والمتمثل في 51 ألفا بمخيم امبره و10 آلاف في انواكشوط- يبدو قليلا بالمقارنة مع الواقع؛ حيث تضيف إليها إحصائيات جمعية اللاجئين ضحايا القمع 6 آلاف لاجئ في انواكشوط وحدها. وبالإضافة إلى ذلك ترفض المفوضية تسجيل اللاجئين الماليين الموجودين في المدن والأرياف الأخرى.
وحسب إيماهتا، عضو منسقية القادة الاجتماعيين للاجئين، فإن جمعيته ضغطت بقوة على المفوضية وعلى السلطات الموريتانية، من خلال حاكم باسكنو، من أجل عدم اشتراط إحضار الأوراق المدنية المالية للحصول على صفة لاجئ. "وقد حصلنا على وعود من الجهات التي تحدثنا إليها بشكل مباشر"، يقول إيماهتا الذي يضيف: "من المؤكد أن جميع اللاجئين الماليين الحقيقيين سيستعيدون حقوقهم كاملة؛ حيث تم إلغاء بطاقات بعضهم بالخطأ، بيد أن ذلك سيسوى مستقبلا".
ويعطي اللاجئ المنحدر من مدينة توبموكتو، الهادي محمد، رواية أخرى للوضع: "إن اللاجئين الذين تم إلغاء بطاقاتهم لا يقولون الحقيقة كاملة؛ حيث إن المفوضية السامية للاجئين أعلنت، في بداية سنة 2013، أنها سترسل، كل 3 أشهر، بعثات تفتيش للتأكد من الوجود المادي للاجئين، وأنه سيتم الشطب على أي شخص تم رصده متغيبا. وهذا ما قامت به، على ما أعتقد".
ولكن كيف يتم تقييد عائلات تحرص، كذلك، على الحفاظ على نمط عيشها كبدو رحل؟
يرى إيماهتا أن المفوضية تدرك جيدا أن الكثير من العائلات البدوية الرحالة تدخل وتخرج إلى/من مخيم اللاجئين: "يهدف التفتيش إلى ضبط قائمة المستفيدين من الحصص التموينية؛ بحيث يتم إقصاء أولئك الذين فاتتهم ثلاث توزيعات متتالية. وهو بذلك يستهدف أساسا أولئك الموريتانيين الذين يختلطون باللاجئين الموريتانيين في المخيم".
ويجزم منسق اللاجئين الماليين في امبره، محمد آغ مالحه، الذي يتعاطى مع المفوضية، بأن المشكلة سيتم حلها قريبا: "صحيح أن إلغاء بعض البطاقات مشكلة واقعة. لقد استقبلت مبعوثين من منظمة هيومان رايتس ووتش، وبحثنا المشكلة".
ومع ذلك سيتحتم على القائمين على مخيم امبره تسيير مشكلة أخرى مرتبطة بالحصص، وهي الشح الكبير في المواد الغذائية؛ حيث يصرح عامل إغاثة في منظمة أطباء بلا حدود في المخيم، فضل عدم الكشف عن هويته: "تزداد الأمور صعوبة بالنسبة للاجئين؛ حيث تم نقص الحصص التموينية في شهر فبراير الماضي إلى النصف؛ أي 6 كلغ من الأرز للشخص الواحد شهريا. كما قيل لهم بأنه لن تكون هناك حصص تموينية في الشهر القادم، في حين أن الكثيرين منهم بدؤوا بالفعل يعانون؛ لأنهم لا يملكون موارد مالية تسمح لهم بشراء ما يقتاتون به. وهذا ما من شأنه أن يفضي إلى عواقب كارثية، من حيث التغذية ومن حيث الصحة، ما لم يوجد له حل عاجل ونهائي".