وبقي خوف الرجوع إلى مناطقهم كابوسا يهدّد أرواحهم ممّا جعلهم يفضّلون البقاء في معاناة الغربة بمعسكرات اللجوء رغم الٱتّفاق الأخير الممضى بين الأطراف المتنازعة.
وقال: حيدرى عضو منسقيه اللاجئين، (50 عاماً) "هربنا منذ 3 سنوات إلى موريتانيا، بعد أن عانينا الكثير من المتاعب من قبل الجيش المالي كالاعتقالات التعسفية. يعتقل الجنود مواطنين أبرياء ويقولون بأنهم اعتقلوا متمرّدين ، وكذلك الشّأن بالنّسبة للحركات الإسلامية المتطرفة عندما طردت الجيش المالي في المنطقة فقد جعلتنا في جحيم كالسجن لا نمتلك حتى حرية الضحك".
ويواصل حيدرى "الوضع لا نرى له نهاية. لا يزال الجيش المالي يعتقل الأبرياء ولا تزال هجمات الحركات الإسلامية المتطرفة تستهدف المدنيين" مُتذكّرا كيف أنّ الأيّام في تين بكتو أثناء سيطرة الجهاديين عليها كانت صعبة جدّاً و موضّحا كيف أنّها مازالت صعبة اليوم أيضا نظرا لنُدْرة العمل، لقد نفذ ما كنّا نملكه من غذاء بعد مدة قليلة. وتوفي الكثير من الأطفال من جرّاء الجوع. ولذلك اضطررنا إلى مغادرة تين بكتو إلى مخيم امبرا ".
ويتساءل حيدري كيف يمكننا العودة إلى مناطقنا في حين أنّ الاعتقالات والهجمات الإرهابية مازالت متواصلة وهي الّتي جعلتهم يفضلون البقاء في المخيمات.
وهو يطلب اليوم كلاجئ في مخيّم امبرا بموريتانيا، من قوات حفظ السلام في مالي والقوات الفرنسية العمل على طرد الميليشيّات وإعادة الأمن إلى مناطقهم ليعودوا إليها، وقال: "نرجو من حكومة مالي النظر في الطّريقة المثلى لتأمين المناطق وتأطير جنودها الذين طالما اعتقلونا ظنا بأن جميع ذوي البشرة البيضاء متمردون أو جهاد يون ، عندها يمكن أن تُطلب منا العودة ".
من جانبها، تقول الناشطة الحقوقية مريم محمود، "تعرّضنا لأبشع جريمة عبر تاريخ الإنسانيّة. إنّ فالحركات الجهادية سبت نساءنا وقتلت رجالنا. ولدينا معلومات أنّه تم تزويج عشرات الفتيات غصبا عنها أو قل تمّ بيعها سبايا بأسعار زهيدة، لأفراد تلك الحركات أثناء وجودهم في مدن الشمال، والمشكلة أنّ عدداً من أبناء مالي الّذين كانوا جنودا ماليين في الشمال زادونا خوفا بقتل العديد منّا ونهب بيوتنا، ونحن نعرفهم جميعاً ونعرف من لهجاتهم إلى أيّ قبيلة ينتمون".
وأشارت مريم إلى الجريمة الّتي راح ضحيّتها حكال ابن خالتها المقتول منذ أشهر قائلة: "منذ ستة أشهر تقريبا اختطفت مجموعة مسلحة مجهولة ابن خالتي الذي يعمل كطبيب بالقرى القريبة من الحدود الموريتانية. بعد أيام قليلة من اختطافه استيقظت قرية أزويرا على رأسه معلقا في أحد شوارع القرية ولا أحد يعلم من فعل ذلك إلى الآن. إذن كيف سنرجع إلى مالي وهذا هو واقع الوضع؟".
بدوره، استنكر النّاشط السياسي محمد بغايغو، ما وصفه بصمت الحكومة المالية على الإبادة الجماعيّة التي تعرّض لها الشماليون على يدّ تنظيم الحركات الإسلاميّة. وقال: بغايغو "مصادر القرار والمؤسّسات المعنيّة لم تصدر منها غير بيانات مخجلة، وهذا ما يثير استياء وتساؤل اللاجئين عن عدم تحرّك المؤسّسات المعنيّة في مالي بالشكل المطلوب، وكذلك المراجع الدينيّة والأطراف السياسيّة، حتّى أنّهم لم يكلّفوا أنفسهم بإدانة بشاعة ما عاشه شعب شمال مالي. فكيف يطلبون منهم مغادرة المخيمات قبل النظر إلى كيفية حمايتهم؟".
سكّان شمال مالي يطالبون بتأمين مناطقهم حتّى يمكنهم العودة إليها...