اذاعةُ موريتانيد أول اذاعة مستقلة في موريتانيا ، كانت أيضا أول اذاعة خصوصية تعلن افلاسها عام 2015 وتسرح عمالها، بعد أن وجد مديرها "أحمد باب ولد علاتي" نفسه عاجزا عن تسديد رواتب العمال وحقوق البث .
نفسُ الواقع انطبق على اذاعة نواكشوط الحرة التي عادت الى البث قبل أسابيع ، بعد توقف دام أكثر من 6 أشهر بسبب مشاكل مالية ، أدت الى عرضها للبيع من طرف مالكها السفير الموريتاني في داكار" شيخنا ولد النني" .
ورغم مرور 6 سنوات على تحرير الفضاء السمعي البصري من قبل البرلمان الموريتاني ، فان تلفزيونات مستقلة مثل الوطنية و شنقيط ودافا والساحل مازالت تواجه خطر الافلاس، خاصة بعد استقالات الصحفيين الجماعية من تلك المؤسسات بسبب تأخير الرواتب والانتقائية في دفعها ، باستثناء قناة المرابطون التابعة لتنظيم الاخوان المسلمين التي لم تسجل منذ انطلاقتها قبل سنوات أي احتجاجات في صفوف عمالها ، مشكلة بذلك استثناء من بين كل القنوات الحرة.
وجاء قرارُ السلطات الموريتانية قبل أسابيع القاضي بتوقيف الموارد المالية المخصصة للإعلانات والاشتراكات في الصحافة الخصوصية، صادما بالنسبة لملاك ومديري المواقع الالكترونية والصحف الورقية المستقلة ، خاصة أن هذا القرار السابق من نوعه كاد أن يجعل موريتانيا الدولة الوحيدة التي توقف تخصيص مثل هذا النوع من الدعم والتشجيع لأصحاب مهنة صاحبة الجلالة.
وفي خطوة تصعيدية قررت الصُحُفُ الموريتانية المستقلة الاحتجاب عن الصدور يوم الأربعاء الموافق الثامن والعشرين من سبتمبر 2016، احتجاجاً على إهمال مشاكلها وللفت انتباه السلطات إلى المرحلة الصعبة التي تمرُ بها الصحافة الورقية.
وتنتقدُ الصحفُ الموريتانية غلاء أسعار الطباعة رغم تواضع مستواها والدعم الكبير الذي تتلقاه من صندوق دعم الصحافة سنوياً، وكذلك انعدام الاستثمار الحكومي والتشجيع اللازم من الحكومة ومؤسساتها المالية للاستثمار في هذا المجال لتطويره.
وقال بيانٌ مشترك لعدد من مدراء الصحف الورقية حصلت "أصوات الكثبان" على نسخة منه إن الصحافة الورقية تعاني وضعاً غير مسبوق اليوم يهدد بإفلاسها التام خلال فترة وجيزة بسبب تضافر جملة عوامل، من بينها الوضع الصعب الذي تواجهه الصحافة الورقية عموماً عبر العالم منذ سنوات، بسبب ثورة الإعلام الرقمي والتي استدعت تدخل حكومات دول عديدة لإنقاذها وضمان استمرارها إضافة إلى غلاء تكاليف إقامة المؤسسات الصحافية الورقية، وتكاليف تسييرها مقابل انخفاض تكاليف المقاولات الإلكترونية.
وانتقدت الصحف تقادم وضعف خدمات ومستوى الطباعة في البلاد، وعدم القيام بأي جهود ملموسة لتحديثها والنهوض بها، إذ أن طباعة الصحافة الورقية لا تزال تتم في المطبعة الحكومية اليتيمة في البلاد.
في هذه الأثناء ، دعا الاتحاد المهني للصحف المستقلة في موريتانيا إلى فتح تحقيق جدي وشفاف في ملف "المبالغ الضخمة" التي أكدت الحكومة أنها تمنحها للصحافة الخاصة عن طريق وسطاء إعلاميين.
وقال الاتحاد إن ما تعيشه الصحافة الموريتانية اليوم من تجفيف للمنابع "هو أمر غير مسبوق"، مطالباً بـ"عودة مصادر الدعم التقليدية إلى أدائها الطبيعي حتى تستفيد المؤسسات الصحافية الجادة من الاشتراكات والإشهارات ، كما طالب بزيادة الغلاف المالي المخصص لصندوق الدعم العمومي للصحافة الخاصة، والإفراج عن قانون الإشهار الجديد، وإنشاء شركة لتوزيع الصحف واقتناء مطابع حديثة.
وانتقد البيانُ تراجع اهتمام شركات الاتصال الأجنبية التي مثلت خلال السنوات الأخيرة أهم داعم عن طريق الإعلانات للصحافة الورقية بهذه الصحافة، لصالح الوسائط الإلكترونية والوسائط السمعية البصرية.
وفي ظل الشد والجذب بين الحكومة الموريتانية وقادة الرأي في الاعلام المستقل، تسودُ الوسط الإعلامي الموريتاني حالة من الغليان والاستياء، بسبب ما يصفه البعض بتجاهل الحكومة للأزمة الخانقة التي تضرب القطاع، وسط غياب أيّ مبادرة واضحة المعالم لإيجاد حلول منطقية، بإمكانها التخفيف من حدة الأزمة المتصاعدة بين الحكومة وملاك المؤسسات الاعلامية المستقلة.