وتكثر تلك المتنزهات الطبيعية "التومرن" في محافظات الحوضين والعصابة وكوركل والبراكنة وكيدي ماغ وتكانت، أي المحافظات الشرقية والجنوبية من موريتانيا حيث يوجد مخزون نباتي هائل تعتمد عليه ثروة البلد من التنمية الحيوانية التي تشكل رقما صعبا من الناتج المحلي ويتم من خلالها تزويد بلدان إفريقية عديدة بمئات الآلاف من رؤوس الأضاحي كل عام كما تمد السوق المحلي بحاجياته من مادة اللحوم الحمراء، غير أن انعدام "التومرن" في باقي المحافظات لا يمنع سكانها من النزوح باتجاه شرق البلاد وجنوبها في موسم الأمطار لقضاء جزء من العطلة الصيفية والتفرغ للاستمتاع بمناظر الطبيعة الخلابة.
أمامة منت يعقوب وهي إحدى ساكنة محافظة إينشيري في شمال البلاد تقول إنها اعتادت القدوم إلى ريف محافظة البراكنة منذ سنوات وتحديدا الجزء الرابط بين عاصمة الولاية ومدينة بوكى النهرية، معتبرة أن تلك المنطقة تمتاز بتنوعها الثقافي كما تقدم صورة حسنة عن طبيعة التعايش بين مكونات الشعب الموريتاني، بل يمكن النظر إليها كلوحة مصغرة ترسم واقع البلد وصلابة نسيجه الاجتماعي قائلة إنها تستمتع في ساعات النهار بمناظر الطبيعة داخل منطقة "تامورت اجرادية أو التامورت الخظرة" وتقضي ساعات الليل في حفلات الأعراس الاجتماعية عند الشريحة الزنجية التي يتواجد أعداد منها على طول الطريق.
وتقول أمامة إن تلك المتنزهات ينبغي أن تجد عناية رسمية تحمي الطبيعة فيها عبر تحريم قطع الأشجار وتلويث المياه ومنع ترك النفايات داخلها وهو ما سيوفر لقاصديها سبل الراحة ويضمن بقاءها كمناطق صالحة للتنزه والاستجمام لسنوات قادمة.
أما يهديه ولد الطالب مختار وهو أحد سكان محافظة الترارزه الملاصقة لمحافظة البراكنة فيعتبر أن المنطقة تشكل قبلة سياحية يقصدها الآلاف سنويا بهدف الاستجمام وقضاء أوقات ممتعة غير أن غياب سياسات حكومية لتطوير هذا النوع من السياحة وترشيده سيؤدي إلى أضرار بيئية محققة على المدى المتوسط بفعل تكاثر النفايات وقطع الأشجار والتدمير المتعمد للبيئة من قبل بعض المتنزهين، داعيا إلى وضع حد سريع لتلك الممارسات وتفعيل دور رجال الغابات.
أما سكان الشريط المحاذي للمنطقة فيرون أن الإقبال المتزايد عليها سيؤدي إلى خلق عبء أمني على المنطقة الحدودية كما أن انتشار سكان البدو وتزايد الوافدين من المدن في حيز زمني ضيق جدا "نحو ثلاثة أشهر" يشكل هاجسا مبررا بالنسبة للمتخوفين من تزايد الجرائم الأخلاقية في منطقة تمتاز بتنوع مجتمعي كبير.
وتطلق كلمة "التومرن" على مجمع للأشجار يمتد على مسافة تقدر بنحو 1.5كلم مربع و يمتاز بالكثافة والتنوع ويوجد بوسطه مكان لتجمع مياه الأمطار الموسمية.