شارع منقسم
أدى هذا القانون الأول من نوعه في موريتانيا والذي ينتظر موافقة البرلمان نهاية الاسبوع المقبل الى انقسام الشارع مابين مؤيد ومعارض ،ففي الوقت الذي تعتبره بعض منظمات المجتمع المدني انتصارا للمرأة بصفة عامة وحماية للطفولة ،رأت فيه هيئات حقوقية وبرلمانيون مخالفة صريحة للدستور الموريتاني والذي يستمد قوانينه من الشريعة الاسلامية.
"ينصرها"احدى ضحايا ظاهرة تزويج القاصرات ،تستبشر خيرا بهذا القانون و تعتبره جاء متأخرا بعض الشيء.
تقول "ينصرها "بكل حسرة إنها أجبرت على الزواج بابن عمها وهي في عمر الرابعة عشرة وطلقها بعد شهرين،دون أبسط حقوق ،وتضيف في حديثها ل"أصوات الكثبان" أنها مرت بتجربة قاسية حرمتها من طفولتها ،وهو ما دفعها الى الانخراط في العمل الجمعوي للتعريف بمخاطر إكراه القُصَرْ على الزواج.
وتعتبر "ينصرها" التي تبلغ من العمر الآن 31 عاما أن سطوة القبيلة في المجتمع الموريتاني وخوفها من عار محتمل قد ترتكبه أي فتاة مراهقة ،يدفع بالعائلات الى تزويج بناتهن من أول شخص يتقدم لها حتى دون مقابل ،فالأهم بالنسبة لها هو المحافظة على شرف العائلة.
بدورها الناشطة الحقوقية "العالية" ترى أن عقلية المجتمع الموريتاني البدوية التي تدفع به الى تزويج القاصرات بالقوة مقابل مهر رمزي مع غياب أي قوانين رادعة للرجل، مثل عدم الزامية النفقات بعد الطلاق ومؤخر الصداق ،أسباب من بين أخرى جعلت الزواج لعبة بيد الرجال خاصة من غير المثقفين وهم الغالبية، حيث تجد الشخص الواحد يتزوج 4 مرات خلال السنة ،وهو ما تؤكده ظاهرة استفحال الطلاق في المجتمع الموريتاني. ولهذه الاسباب تقول"العالية" ل"أصوات الكثبان " إن المصادقة على قانون تجريم زواج القاصرات مطلب لكل النساء الموريتانيات وحماية لهن.
من الجانب الآخر تعالت أصوات الرافضين لهذا القانون، وعلى رأسهم منظمة آدم لحماية الطفل والمجتمع التي وصفت قانون تجريم زواج القاصرات بالأسوأ في تاريخ البلد،وطالبت بإلغائه ومراجعته.
وقالت المنظمة في بيان اطلعت عليه "أصوات الكثبان" إن هذا القانون مخالف للشريعة الإسلامية بشكل صريح، وتم تمريره برعاية من منظمات "تنصيـرية"، وسفارات غربية، على حد تعبيرها.
وطالبت المنظمة من البرلمان الموريتاني عدم تمرير القرار خلال عرضه على غرفتهم في الأيام المقبلة،مؤكدة الاستمرار في شتى وسائل التنديد والرفض حتى تتم مراجعة القانون.
برلمان يتحفظ
أظهر النقاش الاولي داخل لجنة الشؤون الاجتماعية في البرلمان الموريتاني لمشروع قانون العنف ضد النوع انقساما حادا بين أعضاء المجلس ،في حين طالبت غالبية النواب بتقييد مواد القانون بمطابقة الشريعة الاسلامية.
وفي هذا الاطار يقول عضو في البرلمان الموريتاني فضل حجب هويته ل"أصوات الكثبان"، إنهم أبلغوا وزير العدل الموريتاني بضرورة مراجعة القانون المذكور خاصة أنه تجاهل الخصوصية الموريتانية ،مضيفا أنهم يتجهون الى رفضه بالإجماع خلال جلسة علنية ستعقد نهاية الاسبوع المقبل.
ويستغرب عضو برلماني آخر تحدث ل"اصوات الكثبان" من هذا القانون الذي يتجاهل التقاليد الموريتانية المستمدة من الاسلام والتي تتنافي مع مضمونه، معتبرا أن هذا النوع من القوانين قد يشرع في الدول العلمانية ،لكن يستحيل على حد تعبيره أن يتم تمريره داخل اروقة برلمان الجمهورية الاسلامية الموريتانية.
أرقام صادمة
يقول أنصارُ قانون تجريم تزويج القاصرات في موريتانيا، إن الفوضوية التي تطبع الزواج في المجتمع التقليدي ترشح كل فتاة في عمر الزهور الى مشروع طفلة مطلقة، بسبب حرص عديد العائلات على تزويج بناتهن دون ارادتهن مؤكدين أن" التيارات السلفية والإسلامية تساهم في الترويج لفكرة تزويج البنت القاصر، من دون النظر إلى التداعيات الصحية والعقلية والاجتماعية التي تنجم عن مثل هذه الزيجات على حد تعبيرهم.
ويكشف أصحاب هذا الطرح عن احصائيات صادمة لظاهرة الطلاق في موريتانيا ،والتي هي على علاقة وثيقة بظاهرة تزويج القاصرات.
وتظهر آخر احصائية اطلعت عليها "أصوات الكثبان" ،أن 37% من فتيات موريتانيا تزوجن قبل بلوغهن 18 عاما، و25% تزوجن قبل بلوغهن 15 عاما، فيما بلغت نسبة الموريتانيات اللواتي تزوجن قبل بلوغهن 18 عاما في الريف 41 في المائة. وتقول نفس الاحصائية إن نسبة الطلاق في صفوف القَاصِرات تجاوزت الـ70 في المائة.
سيد محمد ولد لخليفه