امباركة بنت بلال خمسينية تمضي كل يوم ومنذ سنين عديدة ساعات النهار في خياطة وتصنيع "الخيمة" المسكن التقليدي في موريتانيا وذلك بطريقة يدوية.
ترى امباركة أن الموريتانيين متمسكون بتراثهم وأن علاقتهم بالخيمة عريقة، متجذرة و صامدة عبر الزمن:" تربينا تحت الخيام خلال الحقب الغابرة حيث لم تكن توجد منازل ولا ملاجئ سوى الخيام، وبالرغم من العولمة وعالم المدينة مازالت تربطنا علاقة وطيدة بالخيمة ويصر الجميع على اقتنائها باعتبارها حضنا آمنا يتميز بالعراقة والرمزية الخاصة لدى كل موريتاني."
وحول مقادير صناعة الخيمة تضيف امباركة" عملية صناعة الخيمة تتم في مجموعات وتبدأ بجمع ما تيسر من الملابس المستعملة وتدعيمها بأمتار من النسيج الجديد ولضمان جودة الخيمة ووفرة ظلها وسماكتها نقوم بخياطة ما بين 6 إلى 4 طبقات من النسيج المتماسك."
من جهتها تقول لمينة بنت بادي وهي خياطة أخرى تصنع وتبيع الخيام :"جرت العادة عند تصنيع أية خيمة أن نقوم بتشكيل فريق للخياطة يتألف من 7 نساء فما فوق يطلق عليه محليا "اتويزة" ويمكن لمجموعة النسوة هذه أن تصنع خيمة من عشرة أمتار خلال يوم واحد مع المحافظة على معايير الجودة اللازمة، وتتراوح أسعار الخيمة الواحدة في سوق الخيم الموريتانية ما بين 100 ألف أوقية إلى 40 ألف أوقية ثم 20 ألف أوقية بالنسبة للخيام الصغيرة."
وتضيف لمينة "تزدهر تجارة الخيم بشكل شبه موسمي وخاصة خلال فصلي الخريف والصيف نظرا لارتفاع درجات الحرارة ومغادرة الموريتانيين المدن إلى الريف للاستجمام والراحة. كما انتعشت هذه التجارة بالصدفة خلال الأيام القليلة الماضية مع رواج حملات التنقيب عن الذهب في موريتانيا حيث اشترى المنقبون الخيام وسافروا بها ، مما شكل دعما ماديا لنا يشجعنا على مهنتنا التي تساهم في الحفاظ على الخيمة وحمايتها من الاندثار..."
وبخصوص حيثيات تحدي صناعة الخيمة يدويا توضح تاجرة الخيام منانة بنت النيه قائلة "منذ عام 2007 وأنا أعمل في مجال خياطة الخيام يدويا وبيعها،وبالفعل مازال الموريتانيون يُقبلون بوفاء على اقتناء الخيمة التي شكلت الملجأ الوحيد للموريتانيين خلال العقود والقرون الماضية..صناعة الخيمة عمل شاق جدا وخاصة بالنسبة للنساء معيلات الأسر في الأوساط الفقيرة و نعاني في هذا المجال من غلاء أسعار النسيج المستورد لذلك نحتاج الدعم من قبل الجميع لمواصلة صناعة الخيمة الموريتانية مصدر دخلنا الوحيد في ظل ضعف الإقبال من حين إلى آخر."