في هذا السياق ذكرت عيدل، وهي طالبة بكلية الحقوق بمراكش، أن الثقافة الصحراوية والحسانية منها على وجه الخصوص شبه مغيبة في الإنتاجات الإعلامية للتلفزة المغربية، مضيفة في ذات المضمار أن هذا التغييب والإقصاء جعل عدد من المشاهدين الصحراويين يعرضون عن متابعة القناتين المغربيتين الأولى والثانية، مشيرة في الإطار نفسه إلى تغييب الممثلين الصحراويين وفي حالة ظهور احدهم يكون حضوره باهتا ولا يبرز عمق الثقافة الحسانية،
وجهة نظر الطالبة عيدل يتفق معها "عمر الكو"، وهو ممثل صحراوي معتبرا أن الحضور الدرامي الصحراوي لا يعبر عن المشاكل الاجتماعية والاهتمامات الثقافية للمجتمع الحساني بل يقاربها بصيغة سطحية، مستعرضا على سبيل المثال سلسلة "ناس الحومة" التي تم عرضها خلال شهر رمضان 2012 بالقناة الثانية حيث جسدت فيه الممثلة "أمال بوفتاح" شخصية امرأة صحراوية و اقتصر تمثيلها للثقافة الحسانية على اللباس التقليدي فقط المتمثل في "الملحفة"و لكنتها الجنوبية.
من جهة أخرى يرى الشيخ لوسي، صحفي من الأقاليم الجنوبية للمملكة أن ضعف حضور الممثلين الصحراويين في المشهد الثلفزي المغربي مرتبط بالعامل اللغوي و باللكنة الصحراوية التي يستعصي على عموم الجمهور و المتتبعين فهمها بشكل جيد، مضيفا في السياق نفسه إن الأمر ينطبق على الإنتاج الأمازيغي و الريفي منه على الخصوص.
وصرح الأستاذ محمد العوني رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير "حاتم" أن ضعف تواجد الممثلين في المشهد الدرامي المغربي لا يقتصر عليهم وحدهم بل يشمل أيضا زملائهم الامازيغين مشيرا أن محاولة بعض الانتاجات الفنية المغربية إقحام ممثلين مغاربة من مختلف الانتماءات القبلية يكون مؤشرا ايجابيا للتعريف بالتّنوع و الغنى الثقافي الذي تتميز به الثقافة المغربية بعيدا عن أي إقصاء آو تمييز،و أشار رئيس منظمة حريات الإعلام و التعبير إلى عدم وجود دراسات أو تقارير تحليلية حول هذا الموضوع معتبرا أن ضعف تواجد الممثلين الصحراويين يعود لكون المنطقة تفرز العديد من الوجوه الفنية التي يمكن إدماجها في الحقل الفني بمعاييره الاحترافية،مضيفا أن زاوية المعالجة المعتمدة في العديد من الانتاجات الدرامية لا تتلاءم مع الصفات لعدد من الممثلين المنحدرين من الأقاليم الجنوبية.
وارتباطا بجانب التكوين الذي أشار إليه رئيس"حاتم" ذكر الشيخ اللوسي أن تكوين الممثلين بالمغرب يبقى متواضعا وهو ما يحول دون المشاركة المكثفة والفاعلة، واسترسل قائلا: "الفنانون بالأقاليم الجنوبية يمارسون التمثيل عن طريق الهواية فقط وليس بشكل احترافي"، مضيفا أن وجود شركات إنتاج محلية خاصة بالعيون جعلت الانتاجات الدرامية من خلال قناة العيون الجهوية تستهدف الجمهور الصحراوي وهو ما جعل تأثير الممثل الحساني وامتداده محدودا. كما أن الأعمال الدرامية المغربية لا تتوفر على إمكانيات مالية و لوجستيكية كبيرة تمكنها من استقطاب ممثلين من مختلف المناطق المغربية ملفتا الانتباه إلا انه نادرا ما يتم تمثيل مشاهد درامية بالأقاليم الصحراوية.
وأورد محمد الكبش صحفي بقناة العيون الجهوية في تصريح للجريدة أن حضور الممثل الصحراوي في الانتاجات الدرامية لقناة العيون الجهوية يبقى متميّزا معلّلا ضعف تواجده بالقناتين الأولى والثانية بكون قناة العيون الجهوية تستأثر بأغلب الانتاجات الفنية فيما لم يستبعد الأستاذ محمد العوني (حاتم) أن تكون هناك أسباب أخرى ذات أبعاد سياسية لها علاقة بقضية الصحراء المغربية وهو موضوع حساس جدا.
وللتوسع أكثر في هذا الموضوع قامت الجريدة بربط الاتصال بأحد خبراء السوسيولوجيا إلا أنه رفض الإفصاح عن أية معطيات في هذا الشأن لعدم وجود دراسات أو تقارير يمكن الاستناد عليها لحساسية الموضوع، وهو ما طرح أمامنا أكثر من علامة استفهام. ألا يحمل هذا الامتناع في حد ذاته إقرارا بمقاربة الإقصاء المعتمدة؟ وهل الأمر راجع لغياب المواهب الفنية المؤهلة لخوض غمار الدراما المغربية؟ أم أن هناك أسباب أخرى غير معلنة؟ لنا عودة في الموضوع.