(SOS Children's Villages) قرى الاطفال "آس وآس" هي منظمة دولية تهتم برعاية وتربية وتنشئة الأطفال فاقدي العائل، يرجع الفضل للألماني هيرمان جومينر في تأسيس هذا المشروع الإنساني النبيل والمنتشر اليوم في معظم دول العالم. تأسست سنة 1985 كأول تجربة بالمغرب بمدينة آيت آورير بضواحي مدينة مراكش، لتكون الأميرة لالة حسناء ابنة الملك الراحل الحسن الثاني رئيسة شرفية لها، فتوسعت على شكل خمس فروع بكل من مدينة الجديدة، دار بوعزة بنواحي الدار البيضاء، آيت آورير بمراكش، إيمزورن بنواحي الحسيمة، ومدينة أكادير. تقوم فكرة هذا البناء الاجتماعي على نظرية الأم البديلة حيث يجمع الأطفال الأيتام وفاقدي العائل في قرى جماعية بها بيوت مستقلة تقوم على وجود أم بديلة، توفر الحماية والأمان وتشملهم بمشاعر المحبة والاستقرار وهي تعيش مع أطفالها، تشرف على نموهم وتدير شؤون منزلها باستقلال تام، فهي تحصل على ميزانية الطعام ومصروفات الملابس وتقوم بشراء جميع مستلزمات الأبناء، ويكون ذلك تحت إشراف إدارة القرية بالمتابعة المستمرة، وتوفير سيارة لهم لأداء احتياجاتهم.
يُشار إلى أن القرى تعتمد على تبرعات المحسنين وما تقدمه القطاعات الوصية بكل بلد من دعم.
التقينا السيد "الحسين ألطالبي" مسؤول برنامج جمعية SOS village بمدينة أكادير الذي حدثنا عن أهمية فكرة الدفئ العائلي للأطفال، حيث تم استقطاب 117 طفل، بناء على ملتمس من المراكز الاجتماعية المتخصصة توجهه إلى قرية المسعفين، تشرح فيه حاجة الطفل لولوج القرية، و وضعيته الصعبة التي ستكون أجواء القرية معالجا لها، بالإضافة إلى استصدار حكم قضائي يبرز أهلية الطفل. يقيم بالقرية اليوم 107 منهم و العشرة المتبقيين تتابعهم الجمعية خارج المؤسسة لدى "الأسر المستقبلة".
من أهم شروط الولوج ألا يتجاوز عمر الطفل ست سنوات حتى يتاح "لأمه البديلة" أن تباشر تربيته و ضمه ضمن "إخوته" في جو أسري ملائم، حيث يمكث ما بين 20 إلى 23 سنة بالمؤسسة، مما يوفر له عناية و متابعة دراسية و ثقافية و اجتماعية وفرتها له الجمعية من خلال عقد صفقات مع مؤسسات تعليم خصوصية و مؤسسات خيرية أو أفراد يتكفلون بمصاريف الأطفال، كما يحرص الطاقم المشرف على توفير أجواء رياضية و ترفيهية للأطفال داخل المؤسسة.
"ليلى.ب" أم بالجمعية منذ 2008، تجاوزت ظروفها الشخصية و العائلية لتمنح طاقة عاطفية لثمانية أطفال داخل المنزل الذي توفره لها الجمعية بالمؤسسة، مطلقة تجاوزت الأربعين سنة بقليل.. قابلتنا بكثير من الخجل و الهدوء الذي يليق بأم متطوعة لمهمة صعبة كتربية أطفال ليسوا من رحمها !
اشتغلت كمربية قبل زواجها في الرياض العمومية بآيت أورير، وارتبطت بالأطفال بشكل قوي، تأثرت بجارتها التي اشتغلت "أما" بالجمعية.
بعد تجربة زواج فاشلة لم ترزق خلالها بذرية، قررت أن تخوض غمار التجربة، و تعوض نفسها عن الحرمان من الأمومة و توفر للأطفال ما حرموا منه من إشباع عاطفي، فكانت القرية ملاذها الآمن.. تحدثنا قائلة: " أعتقد أنني نجحت في تعويض صغاري عن جوعهم العاطفي، وحاجتهم إلى الأم البيولوجية، فالأم الحقيقية هي المربية و ليست التي تلد.. منذ طفولتي تعلقت كثيرا بالأطفال، أصغر أطفالي كان يبلغ حين انخراطي في التجربة سنة 2008، ستة أشهر، آخر من استقطبت لأستكمل ثمانية أطفال و هو العدد المسموح به داخل المنزل كان طفلة تبلغ من العمر أربعة أشهر... هم الآن يبلغون من العمر ما بين سبع و ثمان سنين، أكبر طفلة هي "رجاء" تبلغ اليوم من العمر أربع عشرة سنة، و ستغادر إلى منزل "أسرة مستقبلة". أغادر إلى مدينة مراكش لزيارة أسرتي المكونة من أبي وأمي و إخوتي خلال العطل التي أحصل عليها .. تنوب عني زميلة لي يسميها الأطفال "الخالة".... أخبر الأطفال منذ البدء أنني لست أمهم الحقيقية.. يجب أن أكون صريحة لحماية نفسيتهم... من نعرف أمه البيولوجية فإن الإدارة تعمل على تنظيم لقاءات دورية له معها، و من لا نعرف أسرته البيولوجية، فإننا نعمل على تعويضه مع علمه التام بحقيقة وضعيته !"
و بخصوص "الأسر المستقبلة" حدثتنا السيدة "إبتسام حماني" المسؤولة الاجتماعية بالقرية، بتفصيل عن أهمية التنسيق و الوقوف على كل صغيرة و كبيرة تخص الأطفال داخل و خارج القرية، حيث يتم تتبع حالة الأطفال لدى الأسر المستقبلة، التي تتقدم بطلب إلى القرية تعبر فيه عن رغبتها في استقبال طفل و الإشراف على سير حياته كواحد من أفرادها. تتم الموافقة على طلب الأسرة المستقبلة بعد بحث و استعلامات تقوم بها المسؤولة الاجتماعية في حرص تام على استمرارية العيش الكريم و المريح للطفل، حيث يجب أن تكون الأسرة المستقبلة على وعي بمشروع القرية و ألا تتبنى وضعية الطفل بدافع إحساني.
تقوم السيدة إبتسام بإجراء زيارات شهرية أو نصف شهرية حسب حالة الطفل، إلى منزل الأسرة المستقبلة و إلى المؤسسة التعليمية التي ينتمي إلى صفوفها للوقوف على مدى تقدمه في المجال الدراسي أو عكس ذلك و الأسباب الكامنة وراء كل حالة، كما تشرف على تسيير لقاءات الأسر البيولوجية بالأطفال المتواجدين بالمؤسسة، فأحيانا كثيرة بعض الأمهات المتخليات عن أطفالهن، _ حسب محدثتنا_ يشكلن مصدر توتر لنفسية الطفل مما ينعكس سلبا على سير حياته خاصة في سن مبكرة، فكان لزاما تنظيم اللقاءات حسب برنامج يراعي هذا البعد النفسي. كما يتم تنظيم لقاءات موازية مع طاقم المؤسسة بهدف إكساب الأسرة القدرة على استعادة أبنائهم، فالمكان الطبيعي للطفل هو الأسرة الحقيقية!