قوارب الموت أو العذاب، الاثنان معا والأثر واحد؛ والمعاناة سترافق هؤلاء الصّغار حتّى مماتهم. كيف لا وهي ذكرى سوء اختلط فيها الدّم بالألم ..
بعد رحلة البحر وأهوالها، تستضيفهم على حين غرّة جدران مراكز الإيواء جعلت الأطفال، أسوة بذويهم، سجناء في غرف مكتظّة في انتظار طلب أوروبي لاستظافتهم كلاجئين، هدف سعى ذوو هؤلاء الأطفال إليه، واستعدّوا للموت من أجله، ربّما ليحتفظوا بالإنسانيّة، الأكذوبة الموعودون بها ...
يتجمّع كلّ يوم جمعة العشرات من المهاجرين الأفارقة، من أصول مختلفة، في ملعب قريب من أحد جسور العاصمة طرابلس للعب كرة القدم، اللّعبة الّتي تستهوي الكثيرين بالقارّة السّمراء شأنهم شأن شباب كلّ ربوع العالم.
لا حديث هنا عن العبور إلى أوروبّا؛ حصّة ترفيه لمجموعة شباب اختلفت أعراقها وأديانها وجمعتها عطلة نهاية أسبوع يصفها الجميع بالشيقة.
لم يكن من السّهل على رئيس مركز إيواء غرب بنغازي للهجرة غير الشرعية، النقيب ناصر الصبيحي، التّعامل مع ملفّ شائك لخمسة أطفال تشاديين مهاجرين من عائلة واحدة، كبيرتهم لم يتجاوز سنها الرابعة عشرة، جاءت بهم وحدات مقاومة الهجرة السرية إلى المركز في ظل غياب مراكز إيواء خاصة بالأطفال بعد أن عثرت عليهم وهم يتسولون أمام جامع الرّحمة بحي الليثي ببنغازي.
تبعات الحرب المتواصلة في ليبيا على مدار الخمس سنوات الأخيرة، فتحت أبواب الحدود على مصراعيها أمام شتى أنواع التهريب ، كل شيء قابل لأن يهرب في بلد فقد السيطرة على حدوده المواد الأساسية والأدوية والعقاقير والأسلحة والمخدرات وحتى البشر كلها أمور مباحة في عرف المهربين ولا وازع ، مادامت مصدرا للإثراء والتربح.
يمتد ما يُعرف بطريق التهريب في الصحراء الليبية على طول 600 كيلومترا من الحدود بين ليبيا والنيجر إلى مستوى بلدة سبها، عبر قلب الجنوب الليبي. ويُعرَف بـ"طريق القذافي"، وكان يخضع لحراسة مشدّدة من القوات الحدودية قبل 2011، ولكنّه تحوّل بعد سقوط القذافي إلى طريق يسلكه المهرّبون مع إفلات تام من العقاب. وتحاول القوى الأمنية الليبية من قبيلة التبو – قبيلة صحراوية شبه بدوية تعيش في ليبيا وتشاد والنيجر – السيطرة على المنطقة منذ تخلّى جنود معمر القذافي عن مواقعهم في العام 2011، لكن نفوذ هذه القوى محدود نظراً إلى أنها لا تتقاضى أجوراً وليست مدرّبة كما يجب.
إثر سقوط نظام القذافي، تغيّرت النّظرة للأفارقة في ليبيا نظرا للشّكوك الّتي حامت حول انخراطهم في كتائب زعيم ليبيا السّابق ومرّ الأفارقة بفترة صعبة في هذا البلد الّذي يعيش تحت وطأة حرب أهليّة.
عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين من مختلف الدول الأفريقية والعربية جمعهم القدر أن يكونوا في قارب واحد للبحث عن العيش الرغد الذي يؤمن حياة سعيدة لهم ولأسرهم و لكن هذا القارب عادة ما يودي بحياتهم الى الموت ويلقيهم البحر جثثا على السواحل.
تفيد كلّ التّقارير الصّادرة عن المنظّمات الدّوليّة النّاشطة في مجال مكافحة الإرهاب في شمالي افريقيا أنّ الشبكات الإرهابية تبحث دوما عن مصادر تمويل، حتّى وإن كانت غير مشروعة، فالغاية تبرّر الوسيلة. لذا فقد اشتغل المختصّون في تونس والجزائر وليبيا على العلاقة الّتي يمكن أن تنشأ بين شبكات تجّار المخدّرات وشبكات الإرهابيين ..
أكثر من 120 ألف مهاجرا سرّيّا وصلوا إلى السّواحل الإيطاليّة منذ بداية 2016 في حين أنّ حوالي 3200 آخرين انضمّوا إلى فيالق الضّحايا الّتي ما انفكّت تتعاظم، ولا أحد يتحدّث عن ضحايا العبور في الصّحراء.
تعرف القرى البعيدة جنوبا في ولاية تطاوين وضعا تنمويا قاسيا نظرا لتواجدها داخل الصّحراء على الحدود بين تونس وليبيا و لعدم وجود برامج جدّيّة وتمويلات كافية لإيصال مقوّمات التّنمية إليها، حسب ما يبدو للملاحظين. وتتجلى هذه الصّعوبات للعيان مع بداية دخول كل موسم حرارة، حيث لا تلبّي الإمكانيّات المتوفّرة احتياجات سكّان المنطقة فيبقوا مفتقرين للحدّ الأدنى من متطلبات العيش مثل الماء والكهرباء وخدمات الصحّة الأساسيّة.
أصوات الكثبان هو مشروع معهد التنوع الإعلامي (MDI). يوفّر أصوات الكثبان تغطية شاملة وموثوق بها من عمق الصحراء حول النّزاعات والأمن و المرأة ، والشباب والعنف الاتني و الأقليات الدينية ، وغيرها من الإشكاليّات الشّبيهة، وذلك عبر ريبورتاجات تبلغ صوت الفئات المهمشة و السكان العاديين في الصحراء ، المنسيّين من قبل وسائل الإعلام التّقليدية .
لزيارة الموقع media-diversity.org