على الرغم من ذلك، فإن أكثر من 45.000 عائلة للصيادين و أكثر من 160.000 طفلا يعيشون في ظروف صعبة بسبب قلة ذات اليد و غياب الإحاطة و الدعم من طرف السلطات.
محمد يمتهن الصيد منذ سنة 1987 و قد ترك المدرسة عندما كان عمره لا يتجاوز 17 سنة. يقول لنا محمد بكل فخر : "اليوم أنا متزوج و أب لخمسة أطفال يذهبون جميعا إلى المدرسة" قبل أن يظيف : "لكنني للأسف لا أراهم بما فيه الكفاية و أشتاق إليهم دائما"... فمحمد يقضي معظم وقته بالبحر: "مهمتي هي أن أوفّر لهم ما يلزم ليعيشوا و ليتمكنوا من مواصلة دراستهم. أما زوجتي فهي من تتولى مسؤولية العناية بهم أثناء غيابي".
و في هذا السياق يأسف محدثنا كثيرا لغياب الإحاطة و المساندة من قبل الحكومة : "لا توجد مدارس لأبناء الصيادين و لا مستوصفات و لا سكن، على عكس الشرطة و خفر الديوانة و العسكر و كثير من المهن الأخرى التي لها مساكن خاصة بها". كما يناشد محمد السلطات بضمان حق العلاج و السكن اللائق و التعليم لجميع أطفال الصيادين المحترفين.
أما جمال فهو ابن أحد الصيادين، يبلغ 16 سنة من العمر و يدرس بالتعليم الثانوي. يحدثنا عن طفولته فيقول: " عندما كنت صغيرا، كنت أشتاق كثيرا لأبي و كنت أتمنى على الدوام أن يبقى معي لوقت أطول مما كان يفعل لنتقاسم معا أمتع اللحظات. لكنه لم يكن يأتي لرؤيتنا إلا لشهر واحد في السنة. لم أكن أفهم لماذا كان أبي دائم التغيب عن المنزل و كنت أعيش مع جدتي في الريف لأن والدتي توفيت بعد إصابتها بمرض السرطان. اما الآن فنحن نعيش معا و أنا سعيد جدا بذلك".
وضعية هوى أصعب من ذلك بكثير فقد فقدت زوجها الصياد الذي ترك لها مسؤولية تربية ثلاث بنات و ولد. تحدثنا هوى فتقول : "منذ وفاة زوجي، ركزت جميع مجهوداتي على تربية أطفالي و خاصة البنات. عليّ كذلك كسب قوت يومي و إعداد الطعام و جلب الماء و جمع الحطب لتدخين السمك".
و ترى أخصائية علم الاجتماع، السيدة منت اسماعيل، أن الغياب الدائم للأب يؤثر سلبا على النمو النفسي للطفل فتقول : "هذا الغياب يمكن أن يتسبب في مشاكل نفسية مختلفة قد يعبّر عنها رفض التواصل مع الآخرين و الميل للوحدة و النفور من المدرسة".