هذه ليست القصة الوحيدة التي تختزل ما تعرض له موسى من استغلال نتيجة عدم قانونية إقامته في انواذيبو؛ حيث يضيف: "لقد عملت مع مواطن موريتاني آخر لديه سيارة لنقل الثلج الصناعي، واتفقنا على أن يدفع لي 500 أوقية عن كل حمولة، ووصل المبلغ عند نهاية الشهر إلى 150.000 أوقية، ولكنه لم يدفع لي أكثر من 30.000 أوقية. كل هذه الحالات حصلت معي لعدم توفري على أوراق قانونية تمكنني من التقدم بشكوى؛ ولا يمكن أن أعمل في كل مكان، خشية أن تقوم الشرطة بترحيلي" يقول موسى الذي يتمنى أن تسن قوانين تحميه وأمثاله من الاستغلال.
الحصول على الأوراق غاية يسعى إليها المهاجرون لحمايتهم من الاستغلال ولجعل إقامتهم قانونية، إلا أن سعيهم للحصول على هذه الأوراق تجعل البعض منهم عرضة للاستغلال. المهاجرة افاتو تروي ما تعرضت له: "وصلت إلى نواكشوط بحثا عن العمل، لمساعدة عائلتي الفقيرة في السنغال. أقمت عند عمتي في انواكشوط، فقامت باستغلالي لمدة ثلاثة شهور من العمل لصالحها دون مقابل آخر غير حصولي على تصريح إقامة. خلال هذه الفترة لم تقم بدفع أي أجر لي، ثم بعد ذلك أرسلتني للعمل في انواذيبو. عند وصولي للمدينة الاقتصادية عملت لدى أسرة موريتانية لم تكن تدفع النقود كاملة عند نهاية الشهر؛ لأني اتفقت مع عمتي أن تأخذ كل شهر مبلغ عشرة آلاف أوقية من راتبي مقابل حصولي على تصريح الإقامة في حين كنت أرسل البقية إلى أهلي في السنغال".
ويتحدث توري آلكايا، الأمين العام لتعاونية "بان كادي" المهتمة بالمهاجرين بانواذيبو، بقوله: "تضم التعاونية التي أديرها بين 1.500-2.000 مهاجر، مشكلتهم عدم الحصول على إذن إقامة. مما يشكل أمامهم عقبة في الحصول على العمل، ويجعلهم يعيشون في رعب يومي خوفا من الترحيل والاستغلال دون الحصول على أوراق أو عمل".
محمد ولد اعل، رئيس منظمة الدواسة وعضو تجمع منظمات المجتمع المدني في انواذيبو، والمتابع لملف المهاجرين يقول: "توجد حالات استغلال للمهاجرين الذين لا يحملون أوراق إقامة أو عمل من قبل المشغلين، كما أنهم لا يستطيعون أن يتقدموا بأية شكوى في حال ما إذا تم الاعتداء عليهم. مما جعلهم يستسلمون للواقع المر نظرا لحاجتهم للعمل، فأية شكوى من المعتدي أو رب العمل قد تنتهي بقيام السلطات بمتابعة من يستغلونهم أو يعتدون عليهم، ولكنها قد تؤدي إلى ترحيل المهاجرين المشتكين وإلى خسارة العمل. ولذلك، فإنهم يتحملون الاستغلال".
مومو ديكرو، مسير المشاريع في المنظمة الدولية للهجرة في موريتانيا، يتحدث عن ذلك بقوله: "الاستغلال الذي يتعرض له المهاجرون في انواذيبو، والذين هم في حالات غير شرعية، تختلف وتتفاوت من الدعارة أو التهريب المنظم من قبل جهات ترتبط بالهجرة السرية". ويعترف المسؤول الدولي بأن "ممثلية منظمة الهجرة في موريتانيا لا توجد لديها إحصائيات حديثة عن أعداد المهاجرين في انواذيبو؛ فآخر إحصائية للمهاجرين في نواذيبو كانت سنة 2008. ووفقا لهذه الإحصائية فإن أعداد المهاجرين بلغت 8.000، معظمهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء. في حين لا توجد إحصائيات دقيقة لمن لا يحملون أوراقا قانونية ويتم استغلالهم".