فقد أدت موجة الجفاف التي ضربت البلاد إلى نفوق جماعي للمواشي ونضوب للآبار التي كان يعتمد عليها سكان القرى في الحصول على مياه الشرب خلال جولات الصيف الأخيرة. وهو وضع واجهه النظام الموريتاني بإقامة أكثر من تجمع سكني للقرى في مناطق نائية لتسهيل الجهود الرسمية الهادفة إلى توفير الخدمات الضرورية للسكان. إلا أن مئات الأسر قررت الهجرة باتجاه عاصمة المحافظة بحثا عن قطعة أرض للسكن ومحاولة للفت أنظار المنظمات الخيرية والإنسانية النشطة وبدأ حياة جديدة.
من الهجرة إلى محاولات التهجير
ويقول محفوظ ولد امحيمدوت وهو مهندس فكرة النزوح الجماعي إلى المدينة إنه دعا للنزوح بعد أن وجدت تلك الأسر نفسها في صحراء قاحلة لا تقدم لساكنيها شيئا بفعل الجفاف والتصحر اللذين ضرباها. غير أن بعض السياسيين في المنطقة حاولوا تهجير السكان والعودة بهم إلى مناطقهم الأصلية داخل أعماق الريف. حيث منعوا عنهم خدمات المياه التي ظلوا يحصلون عليها لأشهر بواسطة براميل مثبتة على العربات وبكميات محدودة. كما تم منع أطفالهم من دخول المدارس الرسمية مع محاولات لإغراء بعضهم لحمله على العودة الطوعية باتجاه الريف.
ويعتبر محفوظ ولد امحيمدوت أن السياسيين كانوا يخشون أن يكون الأمر مقدمة لمزيد من النزوح الجماعي إلى المدينة وهو من شأنه أن يؤثر على وضعها الديمغرافي ويرسم خارطة سياسية جديدة خلال مواسم الانتخابات المحلية.
ويضيف ولد امحيمدوت أن أشهرا من الشد والجذب تواصلت بين سكان الحي السكني وبعض السياسيين الذين حاولوا الزج بمسؤولين حكوميين في القضية. غير أن الانتخابات المحلية التي جرت أواخر العام 2013 أرغمت السياسيين على التعامل معهم كأمر واقع ليقدموا كثيرا من الخدمات للحي السكني مقابل كسب ثقتهم في الاستحقاق الانتخابي.
أوضاع مأساوية
تتحدث ميمونة منت ادهيوير ،وهي إحدى النساء الناشطات في التجمع، عن ظروف صعبة واجهها السكان في مناطق معزولة مع بداية الجفاف فتقول" إن الريف يفتقر لأبسط مقومات الحياة من ماء وغذاء بفعل العزلة ومحدودية الدخل فيما تنعدم الطرق المعبدة والكهرباء ومؤسسات التعليم بشكل تام، وهو ما يضع مستقبل جيل بأكمله رهن المجهول".
وتشير ميمونة إلى أن الكثير من الأطفال والعجزة فقدوا حياتهم في أدغال الريف نتيجة انعدام الرعاية الصحية وسوء التغذية وقسوة المناخ.
بارقة أمل
ومع قرب انطلاق الحملات الدعائية في 2013 أعلنت الحكومة الموريتانية مدينة ألاك منطقة ذات نفع عام وأطلقت مشروعا حضريا لتأهيل وعصرنة المدينة بالتزامن مع ذلك وأوكلت مهمة تنفيذه لشركة خاصة بادرت بدورها إلى إطلاق حملة لإحصاء أسر الحي وتحديد معايير للاستفادة من القطع الأرضية، غير أن إجراءات فنية أعاقت تقدم الأشغال في المشروع الذي لا يزال في مراحله الأولى رغم مرور أكثر من سنتين على انطلاقته.
عقبات وعراقيل
ويقول المسؤولون المحليون للشركة التي تتولى إنجاز المشروع إن عقبات فنية أدت لـ-تأخر نسبي- للمشروع وبالرغم من ذلك تم منح أوصال رسمية نهائية لعدد من العائلات تثبت ملكيتها لقطع أرضية صالحة للسكن كما تم تحديد القطع التي ستقام عليها بعض المباني الخدماتية كالصحة والتعليم.
ويضيف مسؤولو الشركة أن المشروع سينتهي قريبا بعد تذليل بعض الصعوبات التي واجهها وينتظر أن يعطي للمدينة وجها لائقا بها كملتقى طرق بين مختلف الجهات الموريتانية ويوفر سكنا كريما لكل الأسر.