ويذهب بوبكر ولد مسعود رئيس منظمة نجدة العبيد إلى اتهام الدولة بالتستر على ملاك العبيد واعتبار إنكارها لوجود الاسترقاق كممارسة يكذبه الواقع .
من جانب آخر أنشأت حكومة ولد عبد العزيز وكالة التضامن لمكافحة آثار الاسترقاق وهي تتمسك بالاعتراف بوجود آثار فعلية تعيق التنمية المجتمعية دون إقرارها بوجود العبودية في الحقبة الراهنة .
أنفقت الدولة المليارات على مخطط القضاء على آثار الاسترقاق، وجابت وكالة التضامن موريتانيا طولا وعرضا، وأنشأت عشرات المدارس والمراكز الصحية وقدمت الإعانات للمشاريع التنموية لصالح ضحايا الاسترقاق من الفئات الأكثر هشاشة، بحسب العرض الذي قدمه مديرها الأستاذ حمدي ولد محجوب خلال جلسات يوم تقييمي لتنفيذ خطة خارطة الطريق للقضاء على الأشكال المعاصرة للاسترقاق.
بالإضافة الى الوكالة شكلت الدولة أيضا لجنة وزارية لدراسة الوضع، وتقديم حلول جذرية للمشاكل المطروحة لهذه الفئة قانونيا واجتماعيا واقتصاديا، معتبرة أن ما تقوم به الوكالة بمثابة إسعافات أولية الى حين حل المشكلة بصفة جذرية على المدى البعيد.
وبالرغم من تلك الجهود المبذولة إلا أن وزير العدل السابق سيدي ولد الزين و في رد على سؤال ل"دون فويسز" رفض الاعتراف بوجود الرق كممارسة فعلية معتبرا أن آثاره فقط تنعكس سلبا على حياة الناس. وأكد محدثنا أن الدولة ستعاقب كل من ثبت تورطه في استعباد مواطن .
"دون فويسوز" زارت أم الخير وهي سيدة خمسينية تعيش في كوخ أقصى جنوب مدينة نواكشوط في حي الترحيل . حدثتنا عن قصتها مع الاسترقاق فقالت " عشت حياتي في إحدى قرى الشمال مسترقة من طرف أسرة كانت تعذبني وتضربني بسبب وبلا سبب ". وتضيف ام الخير " كنت أرعى لهم الغنم منذ طفولتي. "
لدى أم الخير خمسة أبناء ولا تعرف أب أي منهم. تقول محدثتنا إن الأسرة رفضت تزويجها من رجل تقدم لها وإن أبناء الأسرة كانوا يغتصبونها فأنجبت منهم أطفالها حسب تعبيرها. كما تتهمم أيضا بقتل طفلة لها حيث قالت إنهم أرغموها على تركها وهي رضيعة في أشهرها الأولى والذهاب لرعي الغنم ولما عادت مساء وجدتها حيث تركتها في الصباح وهي جثة.
تقول أم الخير إن الأسرة حين أحست بحملات الدولة في عهد الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله _التي كانت تتحرى عن حالات الاستعباد وتتابع أهلها قضائيا، _سلمتها لقريبها و هوعقيد متقاعد لتتخلص منها. و تضيف :"لقد كانت حياتي معه بداية شقاء آخر" حيث اتهمته باغتصاب ابنتها البكر أمام ناظريها مرارا. وبعد سنوات مما تصفه أم الخير بالعبودية والتعذيب أوصل أخوها قضيتها لمنظمات حقوق الإنسان التي أخرجتها من الوضع الذي كانت فيه. وتناشد أم الخير الدولة لإنصافها ومحاسبة من قالت إنهم أجرموا في حقها طيلة حياتها.
ولأخذ رد الطرف الآخر حاولنا الإتصال بالعقيد المتقاعد للرد على اتهام السيدة له، حيث توصلنا بابنته التي رفضت الحديث في الموضوع، منكرة أي معرفة لها بالمسماة أم الخير، ومعتبرة القضية برمتها استهدافا لهم و محاولة لتشويه صورة والدها مؤكدة أنهم أخذوا قرارهم كأسرة بالإعراض عن الخوض في الموضوع .
يقول جمعة عضو لجنة العبيد المسؤول المباشر عن متابعة ظروف حياة هؤلاء الضحايا إن الدولة تعهدت ببناء منازل لهم وأعطت قطعة أرض لأم الخير وحالات أخرى مشابهة لها .
غير بعيد عن أم الخير تقيم شادة بنت امبريك أربعينة جاءت من إحدى بوادي تيرس الزمور فارة أيضا من قيود الاستعباد حسب حديثها صحبة أخيها الذي كان المخلص لأسرته ،حيث فر هو أولا قبل عشر سنوات وظل يناضل حتى حرر أخته شادة وأطفالها من قبضة أسيادهم حسب قولها.
تقول شادة : " تعرضت أنا ووالدتي وأطفالي للتعذيب على يد شخص كان يستعبدنا مع أننا كنا نخدمه ونقوم بأعمال شاقة. والآن نحن نطالب بمحاسبة من أجرموا في حقنا "
رفعت هذه الحالات وغيرها كشكاوى ودعاوى الى القضاء إلا أنه لم يبت فيها بحسب رئيس نجدة العبيد مضيفا :"من بين عشرات الحالات التي رفعت إلى القضاء حكم في قضية واحدة منها لصالح الضحية مع تحفظنا على مستوى العقوبة مع حجم الجريمة بالإضافة إلى اعتبار الحكم صدر لأن المتهم ليس ذو وزن اجتماعي وهو ما جعله عرضة للمحاسبة"
ويعتبر ولد مسعود أنه " لولا متابعة اللجنة لتنفيذ الحكم لتم إطلاق سراحه"
محامي الجمعية الأستاذ العيد ولد محمد يقول انه منذ اصدار أول قانون لتجريم العبودية في 2007 تمت ادانة شخص واحد بممارسة الاستعباد من أصل عشرات القضايا.
و يضيف أنه في 2011 تمت إدانة متهمين بالاسترقاق لكن الأحكام التي صدرت لم تكن نافذة.
وقال المحامي إنه لايوجد في موريتانيا سجين واحد بتهمة الاسترقاق في حين هناك من تمارس عليهم العبودية.
وفيما يتعلق بقضية أم الخير يقول المحامي العيد ولد محمد :"عرضت القضية على وكيل الجمهورية في العام 2010 في مدينة أطار وقد سافرت مرارا اليه لبرمجة البت في القضية كان آخرها في العام 2014 وطلبت من وكيل الجمهورية أن يطلعنا على القرار الذي اتخذه بخصوص القضية المعروضة عليه لكن لاجديد في الأمر وأرى ان هذا مخالفا للقانون الذي يحتم اتخاذ اجراءات حيال الملف المعروض"
أما عن شادة وشقيقها يضيف المحامي ان وكيل الجمهورية في ازويرات أوقف المتهمين لأيام ثم تم اخلاء سبيلهم ولم تتقدم القضية بعد ذلك.
لقد صادقت الجمعية الوطنية في 12 أوت 2015 على قانون جديد يلغي ويحل محل القانون المجرم للعبودية والمعاقب للممارسات الاستعبادية الصادر في سبتمبر 2007. وهو ما اعتبرته الحكومة قانونا يتماشى مع التعديلات الجديدة التي أدخلت على الدستور. حيث اعتبر الاستعباد جريمة ضد الانسانية. وعمل القانون الجديد على إضافة ثلاثة تعديلات بحسب وزير العدل السابق سيدي ولد الزين حيث صنفت ممارسة الاستعباد كجرائم في حين رفع التعديل الثاني من مستوى العقوبة إلى جرائم بالاضافة الى تأسيس محاكم في عموم الولايات متخصصة في المحاكمات المتعلقة بجريمة الرق.
وعن ردود الفعل أبدى رئيس منظمة نجدة العبيد ارتياحه للقانون الجديد فيما اتهم القضاء بعدم تطبيق القانون وطالب بإصلاحه قبل سن القوانين مؤكدا أن المؤسسة القضائية تتواطأ مع الاقطاعيين والاسترقاقيين وتضرب بالقانون عرض الحائط .