وتعني عبارة "امجمبرين" باللهجة الحسانية "آبقين"؛ أي إنهم يتحدون دعاة استمرار الرق، ويخرجون عن طوع ملك اليمين. بيد أن هذا التحدي الظاهر يحمل في طياته غصن زيتون ممدودا لكافة المكونات الاجتماعية الموريتانية، بما في ذلك أولئك الذين كانوا يستعبدونهم بالأمس القريب. الشيء الذي يجعلهم لا يميلون للعنف ولا للتكسير والتخريب، رغم أن أبرز قادة حركة إيرا-موريتانيا موزعون ما بين سجين ومعتقل ومتابع قضائيا.
من جهة أخرى، نظم نشطاء من الحراطين تظاهرات ميدانية على شكل إعادة تمثيل للأنشطة الاقتصادية الإنتاجية التي تعيش عليها هذه الشريحة. وهم بذلك يبتكرون طريقة جديدة للحراك التحرري تكذّب ما كانت تشيعه عنهم بعض الدوائر من رغبة في الإفساد والبطش، معتمدة على الخطاب المتطرف والمتشنج الذي بدأ يطبع النضال الانعتاقي في موريتانيا منذ سنوات قليلة.
واعتمد الحراطين هذا الأسلوب النضالي، بإيعاز من اللجنة المنظمة لهذه التظاهرة في إطار الاحتجاجات على الحكم الصادر في حق زعيم حركة إيرا-موريتانيا بيرام ولد الداه ولد اعبيدي. وتجزم ميمونة منت السالك، عضو لجنة إعلام ميثاق الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين بأن قادة الميثاق، إبان التحضير لمسيرة الحقوق التي نظمها الميثاق بتاريخ 29 إبريل 2014، أوصوا بإظهار الموروث الثقافي وتمثيل الأنشطة المعيشية للشريحة كعربون مودة وغصن زيتون للشرائح الأخرى، ولكن كانت هناك صعوبة على مستوى التنفيذ نظرا لضعف الحماية الأمنية للراجلين في هذه المسيرة.
من جهتها أكدت الباحثة مريم بنت باب أحمد، أستاذة علم الاجتماع، والتي تقوم بتحضير رسالة الدكتوراه حول التحرك الشعبي في فئة لحراطين، أن المديح هو خصوصية لشريحة لحراطين التي كانت تعيش انتهاكات على أصعدة مختلفة؛ وهو التعبير الفني العذري عن تلك المعاناة التي كثيرا ما ارتبطت بطقوس زمانية ومكانية بعينها وتعرضت لها شريحة لحراطين.