ويقول الموريتاني محمد لمين، سائق تاكسي وموظف بإحدى بلديات العاصمة نواكشوط : "لا يمر يوم تقريباً في العاصمة نواكشوط إلا و يكون هناك خبر أو أكثر عن جرائم يرتكبها بعض الأجانب. وتتنوع هذه الجرائم بين السرقة و المضاربة و الاعتداء بالعنف ويصل الأمر في بعض الحالات إلى القتل.
إنّ طرح هذه المواضيع تثير بالطّبع لدى الكثير من الموريتانيين الحساسية و يذكّرهم بالإساءة التي يقدم عليها هذا المهاجر المقيم الذي فتحنا له بلدنا من أجل أن يسترزق، ليس ليكون جزء من مشاكلنا. فهناك أعمال فقدناها نحن المواطنون المحلّيّون كسياقة التاكسي فهؤلاء الأجانب يقبلون بأسعار رخيصة مّما يجعل أرباب الأعمال يفضلون تعيينهم هم عن تشغيل المواطن الموريتاني الذي لا يقبل العمل إلا بالسعر المعروف للسائق في موريتانيا".
ويوضح محمد لمين كيف يختلف المهاجر المالي عن بقية المهاجرين قائلا : "المهاجر المالي المقيم في موريتانيا مختلف لأنه قليل الظهور في ساحة الجرائم بعكس المهاجرين الأفارقة الأخرى".
محمد سيساكو، مهاجر من مالي، لا يوافق على هذه الاتّهامات : "ما نحن عليه فقط نماذج لبعض التعليقات التي أراها غير منصفة و هي غيض من فيض، و ردة فعل أولية على ما يُقرأ من أخبار محزنة، لكن التفكير السليم يجب أن يكون بالبحث عن الأسباب الجذرية للمشكلة و ليس طرق أسهل الحلول و اتهام المقيمين الأجانب بأنهم سبب المشاكل و أساس البلاء، فنحن نعمل عند الموريتانيين ولا أحد يجبرهم على تعييننا كعمال غير أن المواطنين المحلّيين لا يعملون في الأعمال الشاقة الّتي يقبلها الأجانب".
و حسب سيساكو فإن الظّلم هو أحد أهمّ أسباب هذه المشاكل التي تقع على بعض المهاجرين في موريتانيا ، "فمنهم من يأتي إلى هذا البلد لكي يعمل في وظيفة محددة فيجد نفسه في الشارع يبحث عن عمل، و منهم من يعمل برواتب ضئيلة و في نفس الوقت يعاني من تأخر الراتب وأحيانا يرفض مديره حتّى إعطاءه أجره أصلا و لا يجد له حل سوى السرقة أو الشجار معه إلى حد الضرب في بعض الأحيان".
ويعلق محامي موريتاني طالما عمل على قضايا هؤلاء المهاجرين ولكنّه فضّل عدم نشر اسمه، فيقول : "لا أدافع هنا عن المجرمين و اللصوص، و لا أجد سبباً للقيام بأي جريمة، و لكن هؤلاء بشر مثل الآخرين، فيهم الطيّب الذي يمكن له تحمل الظلم و الإساءة، و فيهم من يحاول أن يُوجد لنفسه ألف عذر عند القيام بجريمته. أما أهم أسباب هذه الجرائم فيكمن حسب رأيي في عدم تطبيق القوانين بشكل عادل على الجميع. فلو علم الجميع، موريتانيين و مقيمين مهاجرين، أن هناك عقاب رادع و واضح و سُينفذ على الجميع بغض النظر عن أي شيء أخر فسيكون هناك مانع نفسي قوي يقف أمام الشخص الذي يمكن أن تسول له نفسه القيام بأي جريمة".
وفي سيزيم، أحد أحياء مدينة نواكشوط التي تسكنها أكثرية من المهاجرين الأفارقة بشكل عام والماليين بشكل خاص، تقيم السيدة مريم بغايغو مع أمها في شقة صغيرة تعتمد في معيشتها على راتبها كمدرسة في روضة أطفال خاصّة، ولم تجد عملا آخر مع أنّها تحمل شهادة ليسانص في الرعاية الاجتماعية، شاغلها الوحيد الاهتمام بأمها التي دخلت عامها 78 وتصب جل اهتمامها للعناية بها مع قلة راتبها.
تقول مريم " أنا هنا في موريتانيا منذ أربع سنوات كلما ابحث عن عمل كالتدريس في المعاهد أو العمل في المنظمات، يقولون بأنني لست بموريتانية مع أنني آخذ شهادة الإقامة كل سنة منذ وصولي هنا لأن الإقامة لا تعطي الأجنبي حق العمل إلاّ في الأعمال غير الحكومية".
وتضيف مريم قائلة: "من المفترض أنّه لا يُفرض علينا أخذ الإقامة، نحن الماليون في موريتانيا لأن الموريتانيين في مالي يدخلون ويخرجون كما يشاءون بدون أي شروط فهناك تفاهم بين الدولتين بشأن رعاياها لكن يبدو أن هذه الاتّفاقيّة لم تطبق بالشكل المطلوب".