فمنذ تسعة سنوات أصدرت إدارة التعليم بمحافظة لبراكنة مذكرة عمل تقضي بتحويل المدرس جالو سليمان وهو من مواليد منطقة جدر المحكن بمحافظة اترارزة إلى تجمع بورات السكني وسكانه لا زالوا يومها مجرد بدو رحل يتتبعون الكلأ والمراعي سعيا إلى المحافظة على ما توفر عندهم من مواشي قليلة، قبل أن يتحول التجمع الى منطقة سكنية تتوفر بها منشآت خدمية عديدة.
يقول جالو سليمان "أدرك أن مهمتي يومها كانت جسيمة فهي انتشال جيل بأكمله من براثين الجهل والأمية رغم تحديات الواقع وغياب بيئة ومحيط اجتماعي ملائم لأداء المهمة، كل شيء كان ضدي، كل شيء كان يفرض علي بعض التحديات التي يجب أن أواجهها بعزيمة لا تعرف اليأس، المحيط الاجتماعي غير مشجع والواقع المعيشي للأسر غير مساعد والبني التحتية منعدمة والامتيازات التي تقدمها إدارة التعليم ضئيلة ولكن كان لا بد من تحمل مسؤولية أخلاقية وإنسانية بالدرجة الأولى أمام هؤلاء القوم وأدركت أن علي كسب التحدي ومواجهة كل ذلك".
ويستطرد جالو في الحديث قائلا إنه كان يدرك أن مهمته تكون قد تحققت إذا استطاع أن يرتقي بمستويات بعض الطلاب إلى مرحلة الصف السادس من التعليم الابتدائي، مشيرا إلى أن أغلبهم قد يتابع في المرحلة الإعدادية وقليل منهم قد يصل إلى المرحلة الثانوية قبل أن تعاجله مسؤوليات الأسرة أو يعجز عن سداد الأعباء المادية لدراسته، غير أن الأهم هو أن يدرك الجيل الحالي أهمية التعليم ويعمل من أجل انتشال الجيل القادم من أبناء التجمع.
ويعدد جالو عددا من الصعوبات التي واجهته وعلى رأسها تدريسه لعدة مواد لأقسام من المرحلة الابتدائية من بينها الحساب والعلوم واللغتين العربية والفرنسية ولمدة 23 ساعة أسبوعيا وهو ما تطلب منه بذل جهد مضاعف رغم الاكتظاظ وصعوبة إيصال المعلومة إلى جميع الطلاب الذين تتفاوت مستوياتهم وقدراتهم.
ويقدر جالو نسبة الناجحين في تجاوز الفصول الدراسية بـ 80% بين مختلف الأقسام، في حين يقدر نسبة من استطاعوا التجاوز إلى المرحلة الإعدادية بـ نحو 40 % سنويا من أبناء التجمع والمناطق المحاذية له وهي نسبة يرى أنها تعكس بوضوح حجم الجهود التي يبذلها.