بهذه الكلمات تفتتح أمنة منت البو حديثها وهي تروي قصتها مع حياة التهجير والتشرد بالضاحية الشرقية لمدينة ألاك وسط موريتانيا منذ عامين.
بدأت القصة عندما أعلنت السلطات الموريتانية المدينة منطقة ذات نفع عام في إطار مساع وخطط حكومية لتطوير وعصرنة كبريات المدن الداخلية وأوكلت مهمة تنفيذ المشروع لشركة إسكان الحكومية، بتمويل يبلغ زهاء 700 مليون أوقية، بهدف نفاذ جميع السكان إلى القطع الأرضية وإنهاء مظاهر العشوائيات وأحياء الصفيح.
وتقول آمنة منت البو إنها لا تملك شيئا سوى ما تجود به أيادي المحسنين من صدقات وقد وجدت نفسها في أرض خلاء رفقة ذويها بعدما قررت شركة إسكان مصادرة قطعتها الأرضية ومنحها لآخرين دون تعويض عنها.
حال آمنة ينطبق على كثير من الأسر القاطنة في المنطقة، غير أنها تبقى الأقل خسارة من بينهن فأربع تكتلات نسوية تضم ثمانين سيدة كانت قد أقامت مشروعا زراعيا في المنطقة منذ عشر سنوات يشكل مصدر دخلهن الوحيد وإعالة أبنائهن وقد تلقين إشعارا بضرورة إخلاء المساحة المزروعة، بعد ما قامت فرقة من الحرس الموريتاني بنزع أجزاء من السياج تمهيدا لإخلائها وسط مناشدات من النسوة بإمهالهم لأسابيع في انتظار أن يتم قطف الثمار وهو ما استجابت له السلطات بصعوبة.
ويقول النسوة إن المشروع الزراعي يستوفي كامل الشروط المنصوصة قانونيا وفي مقدمتها أوراق ملكية القطع الأرضية ووثائق ترخيص التعاونيات النسوية المنضوية في المشروع، مع انتظام تسديد فواتير المياه.
وتقول خدجة منت اعبيدك وهي رئيسة التكتل النسوي إن فرقة الحرس قامت بنزع السياج دون سابق إنذار وتركت زراعتهن عرضة للحيوانات البرية دون اكتراث لخسارتهن.
وتتقاطع تصريحات منت اعبيدك مع تصريحات الشينه منت محم صالح وهي عضو نشط في التكتل النسوي حيث اعتبرت أثناء وقفة احتجاجية أمام مقر محافظ لبراكنه أن سلوك فرقة الحرس شكل انتهاكا صريحا لحرمة الأملاك الشخصية وخرقا سافرا للقوانين المعمول بها، مضيفة أن الدعاوي التي ساقتها الشركة محض افتراءات وتثبت الوثائق الموجودة لدى التكتل النسوي عدم صحتها.
وتقول إحدى قيادات التكتل النسوي إن الدولة يجب أن تكون واحدة، معتبرة أن تراجعها عن ما منحته لمواطنيها بموجب وثائق رسمية يعتبر عملا غير لائق.
وكان المدير العام لشركة إسكان التي تتولى إنجاز المشروع محمد محمود ولد جعفر قد أكد في اجتماع حضره محافظ لبراكنه عبد الرحمن ولد خطري وقادة أمنيين وعسكريين قبل أسابيع أن شركته حاولت تقليص الأضرار الناجمة عن شق الشوارع وإخلاء ساحات عمومية وأماكن للمنشآت الخدمية، مع التعويض لأصحاب الحالات المتضررة، غير أن شح وسائل وآليات الرقابة أدى إلى تنامي ظاهرة العشوائيات أثناء تنفيذ المشروع واستحداث استمارات شكلية في بعض القطع الأرضية بهدف الحصول على تعويض وهو ما شوش على المشروع وأعاق تقدم تنفيذه