وطبقةُ "ايغاون" ،هي الطبقة التي ينتمى اليها جميع الفنانيين في موريتانيا ،حيث يمتهن أبناؤها مهنة الغناء بالتوارث.
ففي مجتمع معقد مثل المجتمع الموريتاني، تحرم الاعراف على غير المنتمين الى هذه الطبقة من الغناء ، حتى ولو كنت ذا موهبة وصوت جميل ، فالفن هنا محصور بالعائلات الفنية الشهيرة التي تنتمى الى شريحة ايغاون، ومن أشهر تلك العائلات: أهل آبه ،أهل الميداح، أهل دندني، أهل النانة، أهل حمبارة ،أهل اعمر تيشيت ،أهل أيده وغيرها من العائلات الفنية العريقة.
عراقةُ هذه العائلات، يقول عنها الفنان "محمد ولد الراظي " وهو أحد المنتمين الى هذه الشريحة انها عراقة مجاملة، فالنظرة الدونية لايغاون من بقية الشرائح الاخرى وخاصة النبلاء من مجتمع البيظان، تجعل من قبيلة الفنانين التي ينتمي اليها في اسفل الهرم الاجتماعي، داخل المجتمع الموريتاني.
ويضيفُ "محمد" أن المجتمع الموريتاني ينبذ طبقته الاجتماعية لأنها تمارس مهنة الغناء ،وهي المهنة التي ينظر إليه أغلب شرائح المجتمع على أنها مسيئة للمكانة الاجتماعية.
ويستغربُ "محمد " من تلك النظرة التي تتناقض مع عشق الموريتانيين للمادة الفنية المقدمة ،مع تحفظهم على من يؤديها من خلال تصنيفه واطلاق عبارة "ايغيو" عليه ، كنوع من تنقيص آدميته واذلاله.
ويعتبرُ" محمد" ،أن احجام طبقة البيضان (النبلاء في موريتانيا) عن مصاهرتهم ،وهي الطبقة التي يتقاسمون معها نفس الملامح والسحنة، زاد من احساس أبناء طبقة "ايغاون" بالدونية ،حتى أبناؤهم الذين تحصلوا على شهادات عليا ولم يمارسوا الغناء يوما ويعيشون قصص حب مع النبيلات ،يمنع عليهم الارتباط بهم بدافع الطبقية ،وهو ما ولد حقدا دفينا لدى أبناء هذه الشريحة تجاه فئة النبلاء ،على حد تعبيره.
بدوره يعتبرُ "سيد محمد ولد زين العابدين" ، وهو أحد المنتمين لشريحة النبلاء من البيضان ،أن الحديث عن احتقار طبقة ايغاون، ينافي الواقع باعتبار أن الفنانيين في موريتانيا يحظون بمكانة محترمة نسبيا ،بغض النظر عن عزوف بقية الشرائح عن الزواج بهم.
ويقول "سيد محمد" ،انه رفض ارتباط أخته برجل من عائلة فنية ،رغم أنه متعلم ،وذلك حرصاً على سمعة قبيلته، "فهذا النوع من الزيجات عندنا خط أحمر والحديث عنه من الممنوعات"، حسب قوله.
ويؤكد "أحمد" و"على" و"زينب" والعديد ممن اخذنا رأيهم في الموضوع ،على أهمية الفن في الحياة وعلى احترامهم لطبقة الفنانين التي تدخل البهجة والسرور الى قلوب الجميع ، لكنهم يجمعون على أنهم لا يستطيعون مخالفة قوانين المجتمع الرافضة، للارتباط بأبناء هذه الشريحة اجتماعيا، لأنهم في نظر الجميع ،هم أقرب للمهرجين الذين تختصر مهمتهم في تسلية الناس .
ويتهم باحثون اجتماعيون، رجال الدين في موريتانيا ، بتكريس هذه النظرة السلبية تجاه الفن، حيث أنهم يقدمون رؤية دينية متشددة تذهب إلى تحريمه أو على الأقل النظر إليه باعتباره منافياً للأخلاق ، رغم أنه في الغالب غناء محافظ ،وإن كانت تتخلله في بعض الاحيان ايحاءات جنسية ودعوة لممارسة الحب خارج سيطرة المجتمعات التقليدية.