ولعل السبب الاول في استفحال هذه الظاهرة هو تنامي شبكات تهريب البشر الى داخل التراب الجزائري ومن كل الدول الافريقية والتي تستغل مأساة الشباب الافريقي، عبر نقلهم في سيارات رباعية في طرق جبلية وغير مراقبة، وصولا الى منطقة تين زواتين الحدودية، مقابل 500 دولار للفرد الواحد، بحسب افارقة تم توقيفهم من طرف المصالح الامنية. وتسببت أنشطة عصابات التهريب، في وفاة العشرات من الافارقة الحالمين بالوصول الى اروبا مرورا، بالجزائر، حيث وخلال كل فصل صيف يتم العثور على جثث افارقة ماتوا عطشا، بسبب تخلي تجار البشر عنهم، على مئات الكيلومترات من المدن الجزائرية.
تؤكد الاحصائيات الغير رسمية، ان عدد المهاجرين بولاية تمنراست يتجاوز 20 الف شخص أغلبهم دون عمل و لا يتمتعون بدخل يومي مما يدفعهم الى الاجرام بشتى انواعه. و تشير نفس المعطيات ان حوالي 60 بالمائة من جرائم المخدرات والسرقة، متورط فيها اجانب افارقة، اضافة الى الانتشار الواسع لتعاطي الكوكايين والهروين، بين المهاجرين.
ممادو مهاجر افريقي من دولة مالي ، يبلغ من العمر 20 سنة ، يعيش في الجزائر بدون اقامة ، ودخل اليها بطريقة غير شرعية ، عبر الحدود البرية ، في رحلة استغرقت 20 ساعة مقابل مبلغ يتجاوز 600 دولار امريكي، يقول انه يعيش ظروف اجتماعية صعبة منذ مجيئه الى الجزائر فهو بدون عمل، ومجبر على تعاطي المهن الشاقة ، مقابل اجر زهيد لا يتعدى 200دج .
يواصل ممادو و والدموع تنهمر من عينيه "لولا ظروف الحرب في مالي ، وانعدام الاستقرار لفضلت العودة الى هناك لان ظروف الاقامة صعبة بالجزائر ، والوصول الى اروبا اصبح ، غير ممكن في ، ظل الاجراءات الامنية المشددة على مستوى البحر الابيض المتوسط.
نفس الظروف التي يعيشها ممادو ، يتجرعها كل المهاجرين الافارقة ،الغير شرعيين بالجزائر
من جهته دعا رئيس جمعية الكرامة الى منح اقامة مؤقتة للمهاجرين ، مع دراسة ملفاتهم ، وابرام عقود مع المؤسسات من اجل توظيف اليد العاملة الافريقية ، لضمان حقوقهم مع ضمان الرعاية الصحية لهم ، مما يسمح لهم بمدخول مادي ، ثابت يمنعهم من التحول مرغمين الى عالم الاجرام.
وفي بيان الى السلطات عقب احداث العنف التي شهدتها مدينة تمنراست جنوب الجزائر شهر جويلية المنصرم ضد المهاجرين بحي قطع الواد ، اعتبرت جمعيات مدنية ، ان ترحيل الافارقة ليس حلا ، ودعت الى التعامل بسلاسة مع هذا الملف ، يحفظ للبلاد امنها واستقرارها ، ويمنح كل الحقوق لهذه الفئة المحرومة التي لجأت الى الجزائر بحثا عن لقمة العيش وهروبا من جحيم الحروب الاهلية والصراعات العرقية.
و رغم مجهودات الهيئات الدولية ومصالح الهلال الاحمر الجزائري من خلال تحسين ظروف عيش المهاجرين او ترحيلهم الى بلدانهم مطلع سنة 2016، لكن سرعان ما عادوا، قبل ان تعود حافلات الهلال من الحدود مع الدول الافريقية ، بسبب عدم الاستقرار ، هنالك ، مما يدفع الاغلبية منهم الى اعادة المحاولة ثانية رغم الصعوبات من اجل تحقيق حلم قد يكون ثمنه حياتهم ، خاصة ان برامج التنمية في بلدانهم لم تعرف طريقها الى النجاح.