تعتبر مدينة تقرت (160 كلم شمال الولاية ورقلة الجزائرية) وهي عاصمة واد ريغ، إحدى أهم أقطاب السياحة بشهادة المختصين، إذ تحوز على العديد من المناطق السياحية والتي كانت يوما ما مقصد السياح الأجانب بشكل كبير. فهذه بُحيرة المقارين (20 كلم شمال تقرت) يقول عنها أهلها أنها من أروع البحيرات في المنطقة، حيث كانت مقصد العائلات والأطفال في أيام الصيف، إذ كانت تغنيهم عن السفر إلى ولايات الشمال من أجل الاستجمام، إلا نها – يقول أحد المواطنين - في السنوات الأخيرة أصبحت مفتقرة إلى أهم التجهيزات من كراسي ومحلات على ضفافها، فلا يجد الزائر إليها مكانا يأوي إليه لاقتناء بعض الأغراض ولا مكانا للجلوس، إلا إذا أحضر معه فراشا أو كرسيا للجلوس، والسؤال هنا: ماذا لو كان سائحا غريبا عن المنطقة؟
انتقلنا إلى عاصمة واد ريغ (تقرت) فسألنا عن المقاصد السياحية الهامة هناك، فأرشدنا الدليل إلى غابة "رانو" نسبة إلى مؤسسها المعمّر الفرنسي "رانو RANNOU" في حدود عام 1912 وهي التي – حسب وصف الدليل – تعتبر غاية في الروعة من حيث جمال النخيل والقصر المشيد فيها، حيث كان هذا المعمّر عازما على البقاء فيها، لتبقى هذه الآثار بعد الاستقلال قِبلة سياحية رائعة حسب سكان تقرت، إلا أن هذا البناء الكبير وبمرور الزمن آل إلى السقوط بسبب التصدعات وفعل عوامل الطبيعة، وحسب جمعيات مهتمة بالشأن السياحي في المنطقة فإنه ليس هناك أيّة جهود للترميم أو للحفاظ على البناء قائما سواء بالدعامات الحديدية أو ما من شأنه أن يمنع سقوط هذه التحفة. لتبقى هذه الحديقة تنتظر فرج المسؤولين عن السياحة في المنطقة من أجل إعادة الاعتبار إليها ودعمها كما يطالب بذلك سكان المنطقة.
انتقلنا إلى بلدة أخرى والمسماة "تماسين" والتي تبعد عن مدينة تقرت بحوالي 08 كلم، أين تتربع على مساحة قدرها 300 م² بحيرة، يسميها أهل تماسين "البحيرة المقدسة"، حيث يصفونها أنها مقصد السياح وزوار تماسين، وكذلك العرسان في حفلات الزواج لالتقاط الصور التذكارية ... إلا أن ما يعكر صفو هذا المقصد السياحي هو نبات القصب الذي ينبت تلقائيا فيشوه منظر البحيرة، وهو الحال نفسه بالنسبة لغابات المنطقة حيث لم تنفع معه الأدوية المختلفة.
كما يشهد قصر تماسين تهميشا كبيرا حسب جمعية أمجاد القصر القديم، هذا القصر الذي يتربع على مساحة 1200م² تتوسطه منارة يعود تاريخ بنائها الى عام 1192 ويبلغ ارتفاعها 21 م وعرض قاعدتها 4 م ، وقد بناها محمد الفاسي المغربي تحت اشراف مؤسس المسجد المسمى الحاج عبد الله المغراوي. لقد تميزت مدينة تماسين بهذا القصر كمعلم سياحي نظرا للتصميم المغربي الذي يميزه، إلا أن سكان هذه المدينة يشتكون منذ سنوات بأن جدران القصر تشارف على السقوط في ظل تجاهل السلطات لاحتجاجاتهم، ما جعل القصر يتحول إلى وكر للفساد وقبلة للمنحرفين كما يدلّ على ذلك زجاجات الخمر المرمية بداخله والتي – حسب المواطنين – أصبحت تشوه منظر القصر العتيق رغم محاولات بعض الجمعيات للقيام بحملات تنظيف واسعة بداخل البهو.
حاولنا الانتقال إلى بلدة عمر حيث تزخر هذه البلدة بمناظر طبيعية رائعة حسب أرشيف النشاطات التي ترعاها إحدى جمعيات السياحة، إذ تمثل صحراء "آجلو" بكثبانها الرملية لوحة فنية ساحرة كانت مقصد العائلات خاصة في أمسيات فصل الصيف حيث النسيم العليل، ويقول السيد عبد الرحمن وهو رب عائلة ببلدة عمر: "أرتاد هذه المنطقة دوما رفقة العائلة، فالهدوء الذي تمتاز به لا أجده في أي مكان آخر" .. ورغم جمال المنطقة إلا أنها لا تحظى بأي مشروع سياحي، ولا بإنشاء مرافق عمومية على غرار الحمامات ودورات المياه لقاصدي هذه المنطقة، خاصة وأنها مقصد بعض السكان الذين يقال أنهم أحفاد جدّهم "السايح" الذي يوجد ضريحه بتلك المنطقة.
هذا ويُجمع سكان واد ريغ على أن منطقتهم تعدّ من أروع المناطق السياحية من ناحية البيئة الصحراوية الهادئة، كما تزخر بالعديد من الآثار التي تركها المستعمر الفرنسي، والتي تمثل في كثير من المناطق مقصدا سياحيا هاما، ليبقى المطلب الوحيد هو الاهتمام بها من طرف مديرية السياحة بالولاية من أجل الاستفادة من مداخيلها وخلق مناصب شغل بالمرافق التي يمكن إنشاؤها، في ظل قلة الموارد وغلاء المعيشة.