حيث يتفق المختصون و الأطباء أن الحبوب المهلوسة كالريفوتريل و الدياز بومب و ترامادول هي الأكثر تداول بين المدمنين في المنطقة ،و هي عبارة عن أدوية طبية توصف للمرضى الذين يعانون من بعض الإضطربات العقلية أو العصبية ،إلا أن استعمالها من طرف الأصحاء يدخلهم في نفق الإدمان ، وهذا رغم صعوبة توفرها لدى الصيدليات المحلية ،و إن وجدت يصعب اقتنائها بسبب ضرورة تقديم الوصفة الطبية ،في حين أصبحت متواجدة بشكل رهيب و كبير في الآونة الأخيرة و هذا عن الطريق المهربين الذين يأتون بها من الدول الإفريقية.
فحسب إحصائيات 2014 و التي تحصلنا عليها ، فإن مصالح الأمن بتمنراست عالجت 16 قضية تتعلق بالمتاجرة بالأقراص المهلوسة ، حجزت على إثرها 77211 قرص مهلوس و 92793 قرص مضر بالصحة ، في حين تمكنت مصالح الدرك الوطني لنفس السنة من حجز 76912 قرص مهلوس ، و هي أرقام تبين جليا تزايد هذه الآفة و رواجها بشكل رهيب في المنطقة على حساب المخدرات الأخرى.
الحبة بـ 350 دج و المشطة بـ 1500 دج.
خلال حديثنا لـ "حكيم" شاب في (38) من عمره من تمنراست ،و الذي كان يعالج ضد الإدمان بمستشفى (فرانس فانون) بالبليدة ، كشف لنا أن "بدايته مع الأقراص المهلوسة كانت في عمر 19 و هو على أبواب شهادة البكالوريا ، أين كان من شبه المستحيل الحصول عليها بسهولة ،-يضيف- فكنت ألجأ إلى أحد الممرضين و الذي كان يتحصل عليها من المستشفى و يبيعها لنا ، و عند بلوغي 23 سنة و عند ذهابي لأداء الخدمة الوطنية ، أصبحت أتعاطي (ريفوتريل) بالقطرة فكنت أتناول 15 قطرة لمرتين في اليوم إضافة إلى (الزطلة) ، و أكد "حكيم" أن الأقراص المهلوسة تعد بديل عن المخدرات الأخرى ، فالقرص الواحد من الحمراء أو الصفراء أو الزرقاء و هي تسميات متداولة لرفوتريل و دياز بومب يتراوح بين 200 دج و 350 دج و المشطة و هي كناية عن صفيحة تقدر بـ 1500 دج ، مما جعلني ألجأ إليها و كذلك الشباب الآخرين ، و غالبا ما كنت أمزجها مع الكيف أو الخمر أو القهوة ، و كشف "حكيم" من خلال خبرته أن ريفوتريل الحمراء تعد أخطر أنواع الأقراص التي تناولها خاصة عندما تمزج بالخمر (الروج) ، و أن جل الجرائم و السرقات التي تحدث من طرف المدمنين يكونون تحت تأثيرها ، متأسفا على حالته و حالة الشباب المراهقين لأنه يصبح مثل الدمية في يد المروج أو الموزع الذي غالبا ما يستغلهم لأغراض دنيئة ، و اتضح له ذلك خاصة بعدما ألقي عليه القبض من طرف الأمن وقضى 09 أيام في السجن ثم حكم عليه لمدة شهرين حبس غير نافذ ، و في إجابته عن سؤالنا لعدم بقائه في المستشفى للعلاج ، صرح لنا "حكيم" أن الأدوية التي تقدم له في المستشفى و التي تأثيرها مشابه لتأثير الأقراص المهلوسة على حسب قوله ، جعله يرفض الرجوع للمشفى ، مفضلا تناول الأقراص التي يعرفها .
أقراص مجهولة التركيبة العلمية تعقد الوضع
كشف لنا الدكتور (عقبة كنته سيدي محمد) أخصائي في الأعصاب أن ظاهرة تعاطي الأقراص المهلوسة لدى شباب تمنراست ، شهدت تنامي كبير في الأونة الاخيرة ، مما جعله يؤكد على ضرورة تكاتف الجهود من اجل الحد من هذه الظاهرة الخطيرة ، و التي تخرب عقل الإنسان و جسمه و تفقده للمسبطات الاجتماعية ، ما جعل معظم الجرائم التي تحدث تتسبب فيها الأقراص المهلوسة ، خاصة و أن الرائجة منها مصنعة في الدول الإفريقية أو أسيا و التي تكون مجهولة التركيبة العلمية ، مما يجعل الأخصائي يحتار كيف يصف الدواء اللازم لحالة المدمن ،و في هذا الصدد أكد الدكتور أن الترمادول المتداولة بين المدمنين و المهربة من إفريقيا تختلف عنها المتواجدة في الجزائر ، مشددا على ضرورة الإسراع في فتح مركز مكافحة التسمم في أقرب وقت و كذا تأطيره من أجل الوقوف في وجه هذه الظاهرة .
كما أكد الطبيب النفساني بالمؤسسة العمومية الإستشفائية (توهامي سالم) أن المؤسسة تشهد إقبال كبير من طرف المدمنين على الأقراص المهلوسة خاصة في الآونة الأخيرة ، إلا أن فقدان الرغبة للعلاج من المدمن و كذا الظروف المحيطة به من طرف المجتمع غالبا ما تكون عائق في المعالجة الحقيقية للمدمنين .
و تبقى هذه الآفة في تزايد رهيب لدى شباب المنطقة ، مما يهدد كيان المجتمع المحلي الذي يجهل هذه الظاهرة الدخيلة عليه ، كما يتحتم على جهات الفاعلة بضرورة بعث بدائل تساعد الفرد إلى التصدي لمثل هذه الآفات ، التي تؤدي إلى تخريب عمود الأمة و هو الشباب .